بصراحة: النقابات على خط المواجهة
الحركة النقابية في سورية تعيش في حالة مخاض كما هو المجتمع السوري بجميع طبقاته، والمخاض يعني ولادة جديدة للرؤى، والخطاب، والبرامج، والأدوات تتناسب مع طبيعة المرحلة، وموازين القوى الجديدة.
والمهمات التي يقع على عاتق الحركة النقابية انجازها، بالأستفادة القصوى من التجارب التي مرت بها الحركة بإيجابياتها وسلبياتها، بأخطائها ونجاحاتها مما سيعزز دور الحركة النقابية القادم في الحياة السياسية والاجتماعية التي ستكون مختلفة عن الماضي بما سيحمل هذا الاختلاف من عناصر قوة تعزز دور سورية الوطني المقاوم للإمبريالية و الصهيونية، والقوى الظلامية التي تريد جر سورية إلى الخلف، إلى ما قبل الدولة الوطنية، حيث كانت تسود الطائفية والعشائرية، والمناطقية.
إن الرهان على دور كبير قادم من المفترض أن تلعبه الحركة النقابية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لم يأت من حالة فراغ أو من أمنيات، بل على أساس الوقائع الموجودة على الأرض، وما تملكه الحركة من عناصر قوة بتمثيلها لمصالح الملايين من العمال والفقراء مما يجعلها في مقدمة القوى الوطنية الفاعلة على الأرض، إذا ما استفادت من عناصر القوة التي تملكها، ولا يملكها أي تنظيم أو حزب سياسي مهما بلغ من نفوذ، واتساع، والذي يؤكد ما نقوله تماسكها التنظيمي، بالرغم من الزلزال الذي أصاب المواقع الإنتاجية، ومع ذلك فإن الطبقة العاملة السورية ما زالت تنظر للحركة النقابية ممثلها الذي من المفترض أن يكون مدافعاً قوياً عن مصلحة الملايين من الفقراء، وتتوجه الطبقة العاملة إليها لمساعدتها في حماية أماكن العمل كي يستمر الانتاج، وتبقى الشركات والمعامل تقاوم أدوات التدمير والتخريب التي تعتدي عليها من أجل تعطيلها، وفي التعطيل هذا مصلحة كبرى لقوى الفساد الكبير، حيث لعبت في السابق، وما زالت، في اضعاف وتدمير الاقتصاد الوطني عبر تخريب ونهب القطاع العام خاصةً الاقتصاد الحقيقي«الصناعي، الزراعي»، الذي يشكل القاعدة الصلبة لاستقلالية القرار السياسي، ويسهم في تحقيق نسب النمو الحقيقية لحل الأزمات الاقتصادية الاجتماعية المستعصية على الحل من خلال النهج الاقتصادي المتبع منذ عقود وإلى الأن«اقتصاد السوق الاجتماعي» الملعب المناسب لقوى الفساد الكبير الذي يغير جلده وتكتيكاته وأشكال نهبه، لأن الطرق القديمة في النهب قد تغيرت في ظل الأزمة الحالية لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها الحصار الجائر المضروب على سورية بسبب تقلص العمولات والسمسرة على الصفقات التي اعتاد الفساد الكبير الحصول عليها في زمن ما قبل الأزمة ليتحول النهب إلى الداخل من خلال التحكم بلقمة الشعب وقوته اليومي، من هنا فإن الفاسدين الكبار، والناهبين والمحتكرين لهم مصلحة أكيدة في استمرار الأزمة واستمرار نزيف الدم السوري كي تبقى مصالحهم مؤمنة حتى لو تغير النظام، فلا فرق عندهم من سيذهب أو سيأتي طالما سيقتسمون الكعكة مع الفاسدين في الخارج، ونسبة القسمة يجري الاتفاق حولها لاحقاً، وسيسويها الراعي الأكبر للمشروع الاستعماري(الإمبريالية الأمريكية).
إن الظرف الموضوعي مواتي للحركة النقابية من الناحية السياسية لاستنهاض قواها وهي كبيرة في كل المقاييس إلى جانب القوى الوطنية والشريفة في البلاد من أجل الحل السياسي للأزمة السورية، والدعوة من أجل البدء بالحوار الوطني، والخطوة التي أقدمت عليها قيادة الاتحاد العام في الحوار والتشاور مع بعض الأطراف السياسية النقابية ستكون قاعدة انطلاق لتوسيع دائرة الحوار ليشمل ليس من حضر، بل توسيع الدائرة لتشمل القواعد العمالية والنقابية، والفرصة مواتية مع انعقاد المؤتمرات النقابية لتعميق الحوار النقابي والسياسي بين اعضاء المؤتمرات وقيادة الحركة النقابية دون قيود أو ممنوعات قد تحوُل المؤتمرات إلى صراعات، وليس اختلافات في الرأي التي هي طبيعية في الحالة العادية فكيف تمنع في الأزمات التي تتطلب منا جميعاً أن نتعلم تقبل الأراء التي قد لا نتوافق عليها جميعها ولكن هناك الكثير ما نتفق عليه لمواجهة القوى التي تريد إحراق سورية من الداخل، فهي منظمة وقوية، ولكن قوانا، قوى الأغلبية الفقيرة، ومنها الطبقة العاملة السورية كبيرة تستطيع مقاومة المشروع الأخر إذا ما أحسنت القوى الوطنية تنظيمها وتفعيلها باتجاه الدفاع عن الوطن، والدفاع عن حقوقها ومصالحها ولقمة عيشها التي هي خط أحمر.