بصراحة: الحكومة تعد.. والنقابات لا تصدق!!
كما هي العادة في كل اجتماع مجلس للاتحاد العام، يطرح أعضاء المجلس ما في جعبتهم من قضايا تعكس الهم الوطني العام سياسياً واقتصادياً، وحقوق العمال ومكتسباتهم وما يصيب هذه الحقوق والمكتسبات من انتقاصات واضحة وصريحة من خلال ما يصدر عن الحكومة من قرارات ومراسيم، تكون محصلتها المزيد من الإفقار للطبقة العاملة.
وعندما يطرح أعضاء المجلس تخوفاتهم مما يجري، وما يعمل به على الصعيد الاقتصادي، فهم محقون بهذا الطرح لأن ما يجري الآن وبالرغم من كل ما قاله الوزراء، وعلى رأسهم النائب الاقتصادي، وبالرغم من كل الصور الوردية التي أتحفت بها الحكومة أعضاء المجلس بخصوص الاستثمارات، هو غاية في الرداءة، من نسب التضخم المتدنية، والمحافظة على نسب البطالة والفقر المرتفعة، وعدم تطوير القطاع العام بشقيه الصناعي والزراعي، والاستمرار
بتقديم الأرقام التي تدلل زيفاً على صحة طرح الحكومة في تقديمها لواقع الاقتصاد السوري، كل هذا يجعل بعض المتلقين يصلون إلى استنتاج مفاده أن الحركة النقابية وكوادرها لم تكن محقة بانتقاداتها للحكومة، وما عليها إلا التراجع والوقوف باحترام للسادة الوزراء على جهودهم التي بذلوها في مواصلتهم العمل ليل نهار، من أجل أن يقودوا الاقتصاد الوطني إلى بر الأمن والاطمئنان، ولكي ينعم المواطن وتنعم معه الطبقة العاملة بمستوى معيشي ورفاهية لا مثيل لها!.
فوزير الصناعة بشرنا باستثمارات ضخمة في القطاع العام الصناعي، والنائب الاقتصادي وهو (عامل) ومن ذوي الدخل المحدود كما قال عن نفسه، بشرنا بأن الخطة الخمسية الحادية عشرة «ستخرج الزير من البير»، وستنقل سورية إلى مصاف الدول المتقدمة، وسينعم المواطن والعامل بنسبة أجور عالية تحسن وضعه المعيشي وتجعله في بحبوحة وأمان واطمئنان «كمثيله في الدول المجاورة»، وأن ما أنجزته الخطة الخمسية العاشرة كان كبيراً، ولولا تلك الإنجازات بالأرقام لما أمكنه تقديم الوعود التي ستخفض نسب البطالة والفقر التي سيقتطعها من نسب الأرباح لمصلحة أجور العمال كما أكد، كذلك لم ينسَ النائب الاقتصادي في حديثه الموجه إلى أعضاء مجلس الاتحاد العام أن يقول بأن الحكومة ستسير بالقطاع العام وفق عقلية القطاع الخاص، وستخلص الحكومة هذا القطاع من كل «الموبقات» التي علقت بهذا القطاع خلال العقود السابقة، وهذا ما سيمكنه من المساهمة بنسب أكبر في الناتج المحلي على خلاف ما هو عليه الآن.
وزير الإسكان أدلى بدلوه وبشرنا بحل أزمة السكن وانخفاض أسعار العقارات في الخطة الخمسية القادمة من خلال مساهمة أكبر للحكومة في القطاع العقاري.
أما وزيرة العمل فكان لحديثها نكهة خاصة، حيث عرّفت المجلس بأخلاقها الحميدة وتربيتها التي لا تسمح لها أن تهزأ ممن يتحدث من أعضاء المجلس، فهي «تحترم» كل ما يطرحه العمال وتستفيد منه في حواراتها وعملها، لأنها هي (عاملة)، وأيضاً ذات دخل محدود، أي ليست بأدنى حالاً من النائب الاقتصادي، وما يعانيه العمال يعانيه كل الوزراء والمسؤولون الكبار من الجوع والفقر والعوز؟!.
لقد بشرتنا الوزيرة كما بشرنا أقرانها الوزراء بحزمة كبيرة من شبكات الحماية، التي ستحفظ للعامل كرامته وحقوقه، وهذه الحزمة هي صناديق الأمان منها صناديق البطالة والإعانة والضمان الصحي، وهذا مرهون بخطة العمل في الخمسية القادمة، أما بالنسبة للعمال الذين سرحوا وقامت الدنيا ولم تقعد لأجلهم، فالوزيرة لم تسمع بقصتهم، ولو سمعت لاتخذت الإجراء اللازم لإعادتهم! ولاشك أن ما قالته الوزيرة بهذا الخصوص إن دل على شيء، فهو يدل على أنها لا تقرأ الصحف، ولا تتابع المراسلات التي يرسلها الاتحاد العام، وهاهي الآن قد علمت فما هي فاعلة بخصوص عودة العمال المسرحين الـ/800/؟؟
ما نود أن نقوله ونؤكد عليه أن الحركة النقابية وكوادرها ليست في موقع واحد مع الحكومة، بالرغم من كلمات الود والتأكيد على التشاركية معها التي أبدتها قيادة الاتحاد، فما جرى في اجتماع المجلس يؤكد ضرورة مواجهة السياسات الحكومية ونهجها الاقتصادي، انطلاقاً من الدور الوطني للحركة النقابية في الدفاع عن مصالح البلاد والعباد، وفي مقدمتها مصالح الطبقة العاملة، وأن ما تقدمه الحكومة من سياسات وحلول سيقود البلاد إلى مواقع لا تخدم صمودنا الوطني، وسيكون الندم عندها دون أي نفع، وستكون الخسارة مزدوجة للحركة النقابية وللوطن معاً.