لنحافظ على شركاتنا العامة، فهي ليست للبيع
مازال في هذا الوطن الذي تتقاذفه الأطماع وينهشه الناهبون الجشعون، أناس تملؤهم الروح الغيورة على ثرواته ومقدراته، ولا يرضون تجيير عائداته لمصلحةٍ خاصة، أو خدمة لمتنفذ أو محسوب. من ذلك أن وردت إلى «قاسيون» رسالة من عمال شركة الزيوت في حلب يرفضون فيها المحاولات التي تجري لطرح الشركة للاستثمار من شخص يسعى للسيطرة على أرباحها وتحويلها لرصيده الخاص. وجاء في الرسالة ما يلي:
«حضرة رئيس تحرير جريدة قاسيون المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: نكتب إليك لاطلاعك على قضية نأمل أن تعالجوها بالطريقة التي ترونها مناسبة، فلقد علمنا بأن هناك شخصاً يدعى (هـ ع) ويُعتَقَد أنه مجرد واجهة لأناس آخرين متنفذين، وقد حضر عدة اجتماعات مع المؤسسة العامة للصناعة الغذائية، وكذلك مع مدير عام شركة زيوت حلب، بقصد الدخول في شراكة مع الدولة لاستثمار شركة زيوت حلب (معمل النيرب) وهو أكبر معمل من ضمن المعامل الثلاثة التي تملكها الشركة.
وعلى ما يبدو أن القرار قد اتُّخِذ بالقبول، ونحن لا نفهم المبررات وراء هذا القبول، فمن المعروف أن الحاجة إلى الشريك تكون لسبب جوهري مثل التمويل المالي، أو الخبرة الفنية أو التسويقية، والحقيقة أن كل هذه الأمور متوفرة لدى الشركة، والشركة ليست بحاجة إلى أحد، وهي شركة رابحة بحدود 300 مليون ل.س سنوياً في ظل ظروف إدارة في غاية الفساد، وكان من الممكن أن تكون أرباحها أكثر في حال تمت المحاسبة والتدقيق في خطة عمل الشركة وإنتاجها وأرباحها، فالمدير العام الذي كان مجرد موظف في مؤسسة مياه حلب، متفرغ حزبياً، ويعمل محاسباً في مطعم ليلاً، وبعد فترة من إدارته للشركة أصبح بقدرة قادر (والرزق من عند الله) يملك معملاً في قبرص، وكذلك فيلا من طابقين هي أشبه بالقصر، مكيفة تكييفاً مركزياً صيفاً وشتاءً، مع مسابح وكل الملحقات المعروفة، ولو أن الوزير الحالي والسابق قد استمعوا لنا لكانت أرباح الشركة حالياً ضعف ما يسجل في سجلاتها، لأن الهدر والسرقة وسوء الإدارة كلها أسباب أدت إلى تخفيض الأرباح.
المهم أن العمال مصممون على الحفاظ على الشركة ودعمها، وعدم القبول بهذا الأمر (استثمارها من قبل شخص غريب) مهما كلف الأمر، ونتمنى عليكم أن تتدخلوا سواء بالصحيفة أو بالحديث العلني، حتى يتم توقيف الأمر، وهذه القضية تطرح مسألة أخرى على درجة عالية من الخطورة، وتثير تساؤلات جدية حول السياسة الاقتصادية الجديدة لهذا الفريق الاقتصادي الجديد!! فهل جاء الوقت لنترحم على الفريق الاقتصادي السابق الذي أوصل البلاد إلى حافة الهاوية؟! أوَلَم يرَ الذين لم يقعوا بالحفرة بعد، كيف وقع من سار قبلهم على هذا الدرب؟! أملنا بكم كبير في التحرك بسرعة لوقف هذه الخطوة قبل أن تقع الفأس بالرأس». وكان التوقيع لعمال شركة الزيوت بحلب.
إننا في «قاسيون» إذ طالما وقفنا في وجه كافة مخططات الخصخصة والاستثمار الخاص، وحذرنا من عواقب التفريط بالقطاع العام وتدمير الاقتصاد الوطني، نرفع الصوت من جديد رافضين ومحذرين من الانزلاق في السياسات الليبرالية الداعية إلى سحب دور الدولة من الإدارة والرعاية للشركات العامة، فهذا تجاوز للقوانين ومخالفة يجب وقفها ومحاسبة مرتكبيها!