بصراحة : الحركة النقابية والاصطفافات القادمة

بصراحة : الحركة النقابية والاصطفافات القادمة

ثلاثة أعوام من عمر الأزمة الوطنية السورية انقضت، تكشف عنها عمق الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والديمقراطية، التي دعمتها السياسات الليبرالية عبر حزمة واسعة من الإجراءات والتشريعات، كان، ومازال لها الدور الرئيسي في تعميق الفرز الطبقي، والوطني

حيث انقسم المجتمع تقريباً إلى طبقتين أساسيتين من حيث نصيب كل منهما من الدخل الوطني«أجور- أرباح»، وهذا يعني من الناحية السياسية والاقتصادية، أن الأغنياء ازدادوا ثراءً ونفوذاً والفقراء ازدادوا فقراً، وتقيدت حريتهم في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، لأن في النهاية القوانين والتشريعات والسياسات تعبر عن موازين القوى السائدة في المجتمع، وتعبر عن مصالح الطبقة المهيمنة سياسياً واقتصادياً، لهذا كان تأثير الأزمة كبيراً على الفقراء، وهم من دفعوا فاتورة الفقر والبطالة والتشرد والتهجير من مناطقهم التي دمرتها الحرب الظالمة، وسيبقون يدفعون الفواتير الناتجة عنها لعشرات من السنين إذا لم يحدث تعديل حقيقي في موازين القوى لمصلحة أغلبية الشعب السوري من حيث النظام الاقتصادي الجديد، وآليات إعادة الإعمار المفترض أن تكون  موارده في الأغلب لاتحمل أي شروط سياسية تمس السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني.
كان للطبقة العاملة السورية الحصة الأساسية من فاتورة الأزمة المدفوعة إلى الآن لأنها خسرت معظم مواقعها الإنتاجية، سواء في القطاع العام أو الخاص الذي خسر معظم عماله حقهم بالعمل بسبب هروب أصحاب الأعمال بأموالهم إلى الخارج، وإغلاق منشأتهم، وأيضاً بسبب وقوع العديد من المعامل في مناطق ساخنة لا يمكن للعمال الوصول إليها، ومن هنا يمكن القول بأن فقراء الشعب السوري بعماله وفلاحيه وحرفييه لهم مصلحة حقيقية في الحل السياسي، الذي يتضمن وقف التدخل الأجنبي بكل أشكاله الذي سيؤدي إلى وقف العنف التدريجي، مما يعني انفتاح الأفق أمام الطبقة العاملة في الدفاع عن حقوقها، ومصالحها المعبرة عن المصالح العامة لأغلبية الشعب السوري، التي جرى الهجوم عليها من خلال السياسات الليبرالية التي تبنتها الحكومات السابقة، واللاحقة قبل الأزمة وأثناءها.
إن المرحلة القادمة سيكون طابعها الأساسي هو العمل السياسي المفتوح على مصراعيه، وهذا يعني إعادة اصطفاف القوى المختلفة على أساس البرامج التي تطرحها حول مستقبل سورية، والشكل المفترض أن تكون عليه سياسياً واقتصادياً، حيث يتطلب من القوى الوطنية، وفي مقدمتها الحركة النقابية التوافق على برنامج الحد الأدنى المعبر عن مصلحة وحقوق أغلبية الشعب السوري في مواجهة قوى الفساد الكبير التي تحضر نفسها منذ وقت بعيد لإعادة الاستثمار في مرحلة ما بعد الأزمة.