من الأرشيف العمالي : إلى أوسع تحالف وطني
لقد اختارت الإمبريالية الأمريكية الحل الوحيد المتبقي لديها، ألا وهو الحل العسكري، ولم يبق أمام الشعوب إلا خيار وحيد، ألا وهو خيار المقاومة الشاملة، وحين الحديث عن المقاومة الشاملة يجب عدم تبسيط الموضوع وتصوره على أنه يقتصر على مجال من المجالات فقط بل هو واسع ومتعدد الجوانب
ويدخل فيه الجانب السياسي بأشكاله المختلفة والاقتصادي والفكري والأخلاقي إلخ..، وفي ظل استحقاق بهذا الحجم يصبح مطلب تحقيق الوحدة الوطنية وتعزيزها مطلباً أساسياً لا يحتمل التأخير والتأجيل.
وهذه الوحدة الوطنية لا يمكن أن يكون عمادها إلا الشعب وقواه الحية، وهو الوحيد القادر إذا أطلقت طاقاته على مواجهة طغيان الإدارة السياسية الأمريكية وجبروتها، ولهذه الوحدة مقومات لا يمكن تجاوزها أو إغفالها وإهمالها، وأهمها:
ملاقاة مطالب الجماهير الشعبية بتحسين أوضاعها المعيشية، ومن الواضح أن برنامج قوى السوق المدعوم من قوى السوق الدولية يسير بالاتجاه المعاكس لذلك، وبالذات من أجل إضعاف أساس أي مقاومة وطنية للمشاريع الإمبريالية، فهذه القوى التي أساءت للوضع الاقتصادي والاجتماعي حتى الآن من خلال تواطئها مع قوى السوء لا يمكن أن تكون المنقذ له، ومقاومة ضغوطاتها هي التي تعزز الوحدة الوطنية وليس العكس.
إطلاق طاقات الشعب من خلال تحقيق المطالب الديمقراطية المطروحة، والتي تحاول بعض القوى المعيقة لها حتى الآن استغلالها كي تكون كلمة حق يراد بها باطل في المستقبل، فتجربة العراق برهنت على أن نظام صدام حسين الديكتاتوري قد منع عملياً الشعب العراقي من الدفاع عن استقلاله الوطني عن طريق تفتيته لوحدته الوطنية، لذلك فالوحدة الوطنية تتطلب أوسع ديمقراطية للقوى الوطنية المكونة لها.
من هنا يصبح اليوم الوصول إلى أوسع تحالف وطني يكون استمراراً تاريخياً لصيغة الجبهة الوطنية التقدمية التي تكونت في السبعينيات من القرن الماضي، والتي لعبت دوراً هاماً في حينه، والتي تعثرت فيما بعد، ولم تستطع أن ترتقي إلى مستوى المهمات والمسؤوليات المستجدة، وليس آخر أسباب ذلك تخلف بعض قياداتها ونظرتها إلى العمل الجبهوي كامتياز وليس كمسؤولية، يصبح الوصول إلى ذلك والتوافق عليه بين مختلف القوى الوطنية الحقيقية والفاعلة مهمة المهام التي ستؤمن تحصين كرامة الوطن وتحقيق كرامة المواطن.
قاسيون العدد 198 أيار 2003.