التفاؤل السياسي وضروراته
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

التفاؤل السياسي وضروراته

ثمة ضرورة للتفاؤل خاصة في المجال السياسي اليوم أكثر من أي وقت مضى، و«تبديد غيوم التشاؤم الكثيفة والداكنة» حسب تعبير غرامشي، ففي الوضع الجديد الذي يتخلق في العالم أجمع، يفضي التشاؤم والسلبية الناتجة عنه إلى عواقب وخيمة.

تكمن إحدى مشاكل بعض القوى الاجتماعية وحتى السياسية في انطلاقها في التحليل من زاوية محلية ضيقة فقط، وإغفال الوضع العالمي العام وتغيراته المتسارعة وموازين القوى المتشكلة، فتقع في مطب الانكفاء عند مواجهة مشاكل كبرى لا يمكن حلها جزئياً ومحلياً في عالم تحكمه شبكة معقدة وشائكة من العلاقات والتأثيرات المتبادلة.

بين الشعارات والأوهام

ثمة من يريد للسورين (وهم كثر من الداخل والخارج)، أن يظل حبيس تلك المساحة المتوترة بين الكارثة والروتين، بين الصدمات و«التعايش» مع المأساة، وإبقاء الجرح مفتوحاً. يرفض السوري الاستسلام أو التفاوض لقبول الأمر الواقع، واختزال الحياة على أنها مجرد بقاء فقط، فهو لم ينكسر، ولا تزال لديه القدرة على إعادة تعريف ذاته، وما زال قادراً على طرح أسئلة صحيحة، يحاول الإجابة عنها، ويعرف أن الإجابات مشروطة بالدرجة الأولى بردّ الاعتبار للسياسة بوصفها فعلاً جماعيّاً وليس حالة فردية أو خلاصاً فردياً. يحضر التفاؤل هنا بصفته موقفاً لا يمكن اختزاله في «شعارات»، كما يراها، ولا «أوهام»، كما يراها البعض الآخر.

تعقيد وتركيب

يعرف السوريون أن المطلوب اليوم هو بناء سورية وإخراجها من رحم الانهيار. فسورية اليوم ليست أرضاً محروقة، كما يحلو لبعض المتشائمين توصيفها وليست دولة معافاة كما يحلو لبعض الواهمين تصويرها، إذا أحسنا النية فيهم على الأقل، ثمة حالة من التعقيد في المشهد المركب الذي تعيشه البلاد، ولكنها ليست حالة مستعصية أو مستحيلة الحل، ومن هنا تأتي أهمية التصرف بمسؤولية ويقظة والخروج ممّا يسمى «الحيادية» والتي ليست سوى تعبير عن السلبية السياسية، تتردد على لسان أصحابها جمل من مثل «انهار كل شيءٍ بالفعل، ولم يعد هناك أمل في المستقبل».

الغضب الكامن

في المقابل، ثمة موقف آخر مغاير، فلطالما أثبتت الشعوب دائماً أنها تختزن غضبها، وتراكم شعورها بالرفض، لكنّها لا تلبث أن تعبّر عن هذا المخزون في مناسبات غير متوقعة، وبطرق لا يمكن التنبؤ بها. وسورية اليوم مفتوحة أمام خيارات متعددة، تترك أبناءها أمام تساؤلات محقة ومفتوحة أيضاً، توجه سؤالها إلينا جميعاً، عن دورنا وكيف نختار أن نستمر، وإلى أي ضفة من التاريخ ننحاز ونقف.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1245