من فلسطين... وإلى فلسطين

من فلسطين... وإلى فلسطين

تلخص شخصية مسعود في مسلسل التغريبة الفلسطينية حالة الخروج من الذهول التي أصابتهم بعد النكبة وتشريد الفلسطينيين في المخيمات: «العالم كلو تآمر علينا ورمانا للخيمة عشان هيك صار كلو حقنا، اللي مالوش بيت، كل البيوت حقو. واللي مالوش حق كل الدنيا حقو»، ويكمل مطالباً أخاه «المثقف» أن يصحو وأن يخرج من سلبيته ويفعل شيئاً: «بدل ما تتلقح تحت عمود خيمتك، اخلعوا واطلع فيه، خود حقك بالمنيحة ولا بالعاطلة، ما تقولّيش بيصير ولا ما بصرش إذا (إسرائيل) قامت كل إشي بِصير»

بعد شهرين من «طوفان الأقصى» أجرت صحيفة «هآرتس» مقابلة مع عامي أيالون أحد الرؤساء السابقين لجهاز «الشاباك» قال فيها: «إن إسرائيل لن تخرج بصورة للنصر من هذه الحرب، من يعتقد أن الفلسطينيين سوف يستسلمون، لا يعرف الفلسطينيين...»
وفعلاً، لا يعرف الفلسطينيون أحد كما يعرفهم الصهاينة الذين استمروا إلى عقود من السنين في محاولة إخضاع هذا الشعب وتركيعه دون جدوى.

لاجئ بن لاجئ حفيد لاجئ

ثمة صورة لشبان مع عائلتهم على ظهر سيارة تحملُ ما تبقى من أمتعة «دارهم» كما يحب الفلسطينيون تسمية بيوتهم، والتي هدمها جيش الاحتلال في غزة، ونُشر تحت الصورة تعليق موجع: «وين بدنا نفل؟؟». تشكل حالة اللجوء الفلسطيني الناتج عن قيام الكيان الصهيوني حالة فريدة في التاريخ تستلزم الدراسة، تتسم بشيء من السوريالية، فالفلسطيني اليوم لاجئ في بلاده، وما مارسه الصهاينة قبل النكبة وخلالها وبعدها من إبادة وقتل ومجازر هدفها تشريد من يتبقى منهم مستمر، ومقاومة مشروع تفريغ الأرض من ناسها وبعثرتهم في مختلف أصقاع الأرض أيضاً مستمر لا يتغير فيه سوى أدواته.

المفتاح.. الحلم الصامد!

يكثف محمود درويش فلسفة «الذهاب المستمر إلى البلاد» كأحد أشكال المقاومة وارتباطها ببناء الإنسان: «وأنا البلاد وقد أتَتْ وتقمّصتني.. وأنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد... وجدتُ نفسي ملء نفسي...»، إنه الخيار الوحيد لاستعادة ما سُلب. تحوّل الفعل المقاوم عند الشعب الفلسطيني إلى أسلوب حياة يمارسه يومياً في حياته خاصة داخل الأراضي المحتلة، حيث: «ينمو المخيم وينجب زعتراً ومقاتلين».
فكرة الوطن «الدار»، حملها جيل النكبة من الفلسطينيين على شكل مفتاح. مفتاح الدار، الحلم الصامد في وجدان أهل الدار، والوقود الذي يشعل حماسة الأجيال المتعاقبة ويحولهم إلى مقاومين.
ثمة فيديو قصير جرى نشره على وسائل التواصل، يختزل فيه حديث طفل صغير بلهجته الفلسطينية فكرة الارتباط بالمكان، والمكان هنا هو فلسطين كلها وفي القلب منها القدس: «صحيح أنا ممنوع أدخل عالقدس، بس لو بتفتح قلبي بتلاقي القدس متربعة فيه تربيع، صح في نوعين للورد عشرة بالمية ياسمين، وتسعين بالمية شباب القدس». شعبٌ ينطق أطفاله كلاماً كهذا لا يهزم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1175
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيار 2024 13:12