العلم الأحمر فوق المدينة
استقبل الأعداء مولد المجتمع الجديد في روسيا بهدير المدافع، فشنت 14 دولة حملة دامية على الجمهورية السوفييتية الفتية. وكانت الإمبريالية العالمية المتحالفة مع الثورة المضادة الداخلية تريد أن تشد الحبل حول عنق الشعب وأن تغرق في دمائه دولة العمال والفلاحين والوليدة.
غير أن الشعب الذي كان قد تذوق الحرية هب كالرجل الواحد دفاعاً عن الوطن. وقاتل الجيش الأحمر وفصائله العمالية والفلاحية المسلحة ببسالة ضد جيوش الإمبرياليين والثورة المضادة.
وتصور رواية الكاتب الأوكراني أوليس ديسنياك «اجتازت الكتائب نهر الديسنا» تلك المرحلة من مراحل حياة الجيش الأحمر الذي كافح في تلك السنوات الغابرة 1918 – 1920 ضد الغزاة الألمان وأعداء الثورة الداخليين في أوكرانيا.
تتحدث الرواية عن أحد القادة العمال. نيكولاي شورس وهو ليس اسماً من الخيال بل هو آمر في الجيش الأحمر ومنظم أول فيلق سوفييتي أوكراني. كان ابن عامل في سكك الحديد، وأصبح أثناء الثورة قائداً بارزاً برهَن في المعارك عن مثل الثورة. وكان مثالاً للشجاعة والبسالة ونكران الذات، محبوباً بين الأهالي والمقاتلين. سقط نيكولاي شورس في ساحة القتال عام 1919 ولم يتجاوز الـ 24 من عمره. كما تتحدث الرواية عن ديميتري نافودنيوك فهو فلاح فقير نظم الفلاحين الأوكرانيين في أولى فصائل الأنصار لقتال الغزو الألماني. وقد جاء في فصل «العلم الأحمر فوق المدينة»:
كان المطر الرذاذ يتساقط نافذاً حتى العظام. أما الريح فكانت تنفخ في الأشجار والسطوح القرميدية العارية. هبط الليل بارداً. وكانت فيالق الجنود الحمر الذي يقودهم نيكولاي شورس وفصائل الأنصار التي انضمت إليهم يتقدمون دون ضجيج ودون أوامر ودون تدخين كما أمر القائد الآمر.
أبطأوا الخطا قرب تخوم الغابة وهرع رؤساء الكتائب ركضاً إلى القائد الآمر الذي تحقق مرةً أخرى من حسن تفهم الخطة الحربية وأومأ بيده وابتعد عن الطريق مستديراً إلى اليسار وتبعه أحد الفيالق وغاب وراءه في الظلام.
_ خذوا استراحتكم! ونقل الأمر بطريقة الوشوشة. وكان ديمتري نافودنيوك يسير على رأس فصيلته واثقاً مسبقاً بالنصر الذي كان يستشعره جنوده أيضاً. بل كان كل واحد منهم يشاطر القائد تفاؤله. ولو لم يكن الأمر صادراً من شورس لأنشدوا أغنية من أغاني النصر.
كان مديد القامة. نحيلاً شجاعاً بين الشجعان وأخذ يتقدم نحو العدو واثقاً بنفسه. وأخذت الرشاشات الألمانية ترش، وركض شورس إلى الأمام. كان الرصاص كزخ المطر يزرع الموت من حوله. وأسرع شورس الركض دون أن يخفض رأسه أمام رصاص العدو. كان ذلك إقداماً باسم الثورة. إلى الأمام!
كان الجنود الحمر قد بدؤا يدخلون المدينة وأخذت المعركة تهدأ شيئاً فشيئاً ثم انتهت، وأصبح العلم الأحمر يخفق فوق المدينة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1105