الحركة الطلابية السورية 1946-1958

الحركة الطلابية السورية 1946-1958

تُوّج نضال الشعب السوري بالاستقلال في 17 نيسان 1946، وتسلمت السلطة البرجوازية الوطنية الممثلة بالحزب الوطني، وبدأت الميول الرجعية الموالية للإمبريالية تظهر في الساحة السياسية.

منع نشاط الحزب الشيوعي، ورفض تطبيق قانون العمل وقانون الإصلاح الزراعي، ولم تتخذ الحكومة أية تدابير لتجاوز الصعوبات الاقتصادية، وبدأت التناقضات الطبقية بعد الاستقلال تظهر على الساحة السورية.
انعكست هذه الظروف على الحركة الطلابية، وكان التيار الوطني الديمقراطي هو الأقدر في هذه الساحة.
تصدت الحركة الطلابية لمشاريع الاتفاقيات مع الشركات الأجنبية الغربية، وقد خرجت عدة تظاهرات تدين هذه المشاريع والاتفاقيات، وكانت الشرارة الأولى في هذه المرحلة تنطلق من الجامعة.
خرجت مظاهرة كبيرة عام 1949 ضد سامي الحناوي الذي أعلن مشروع سورية الكبرى، فقامت مظاهرة طلابية أدت إلى اسقاط الحكومة بعد أن جرى إطلاق النار على المتظاهرين وجرح العديد بينهم طالب كلية الحقوق عبد الكريم طيارة.
استمرت المظاهرات الطلابية والشعبية ضد الشيشكلي أبرزها مظاهرة جامعة دمشق وثانوياتها رداً على تأييد السلطة لاتفاقية الدفاع المشترك، وقد قمعت المظاهرات لمدة ثلاثة أيام واستشهد العديد من الطلبة.
في نهاية عهد الشيشكلي قامت مظاهرة مطلبية كبرى من أجل تعديل مضمون المناهج الدراسية والجامعية وجرت عقبها اعتصامات طلابية في مباني الجرائد اليومية، وأضرب الطلاب عن الطعام وقامت السلطة بإطلاق النار عليهم.
لذلك رأى الطلبة الشيوعيون أنه لا بد من تأسيس تنظيم نقابي للطلبة يجمعهم وينظم نضالهم من أجل تحقيق مطالبهم، فقام الطلبة الشيوعيون بتأسيس اتحاد الطلبة الجمهوريين عام 1953 وضم هذا التنظيم النقابي الطلابي الأول في سورية جميع الطلبة الوطنيين والتقدميين في سورية.
وبعد أن جرت التحضيرات لعقد المؤتمر الأول لاتحاد الطلبة الجمهوريين تم عقده بسرّية تامة في حلب وحضره 31 طالباً يمثلون أغلب المدن السورية من طلبة الجامعات ودور المعلمين والثانويات، وتخلف بعض المندوبين عن الحضور بسبب اعتقالهم وهم في طريقهم إلى المؤتمر، وكانت أهم مقررات المؤتمر: رصّ صفوف الحركة الطلابية السورية وتوجيهها لخدمة أهداف الشعب الوطن، ترسيخ الاستقلال الوطني الحقيقي، إطلاق الحريات الديمقراطية وفضح ديكتاتورية الشيشكلي. وكانت من أولى مؤشرات النشاطات المقررة مسرحية قدّمتها مجموعة من الطلبة في حلب تضمنت فضحاً للديكتاتورية وبدأ الأمن والشرطة باعتقال الطلاب وضربهم وملاحقة الآخرين حتى رحيل الشيشكلي بداية عام 1954.
في نيسان 1954 عقد المؤتمر الثاني لاتحاد الطلبة الجمهوريين، وقيم المؤتمر الوضع الجديد في البلاد وحدد المهمات الملحة أمام الاتحاد ووضع خطة عمل للفترة اللاحقة. ثم جرت رحلة كبرى قام بها الاتحاد إلى ريف دمشق، عين الخضرة، أعلن من خلالها نتائج مقررات المؤتمر الثاني للاتحاد «اتحاد الطلبة الجمهوريين». ويذكر أن الطلاب انتخبوا إلى رئاسة الاتحاد شخصية طلابية غير حزبية.
تميزت هذه المرحلة بالديمقراطية النسبية حيث بدأت مرحلة من الحكم البرلماني الديمقراطي. ونشطت الحركة الطلابية في هذه الفترة ضد الأحلاف الاستعمارية التي تهدد سورية. حيث قامت ظاهرات طلابية واسعة بمشاركة اتحاد الطلبة الجمهوريين الذي التف حوله الطلبة وساهم بفعالية في المقاومة الشعبية، وكان الجو العام مساعداً لنهوض الحركة الوطنية عموماً والحركة الطلابية خصوصاً. وفي عام 1956 عند صدور قرار تأميم قناة السويس أيّد الطلبة هذا القرار في المظاهرات وتطوعوا أثناء معارك بورسعيد.
لقد تربّت الحركة الطلابية السورية على التقاليد الكفاحية وتنامى دورها في الخمسينات وكان تجتمع في كثير من الأحياء أعداد غفيرة من الطلاب قرب البرلمان خلال بعض جلساته التي تناقش البيانات الوزارية أو قضايا هامة اجتماعية أو وطنية. وكان حضور هذه الجلسات مفتوحاً أمام الجميع إذا ما حصل على دعوة من أحد النواب.
في ربيع سنة 1956 عقدت حكومة سعيد الغزي صفقة قمح مع فرنسا، وكانت لا تزال تحتل الجزائر، فثارت ثائرة الطلاب وتوجهت مظاهرة غاضبة من جامعة دمشق إلى مكتب وزير الاقتصاد، واحتل المتظاهرون المكتب لعدة ساعات، وهرب الوزير، وكان من قادة المظاهرة مصطفى أبازيد الطالب في كلية العلوم والذي أصبح استاذاً في الكلية فيما بعد. في تلك الليلة استقالت حكومة الغزي عام 1956.
تقرر أن يعقد في مدينة لايبزيغ في كانون الثاني 1958 اجتماع موسع للجنة التنفيذية لاتحاد الطلاب الديمقراطي العالمي، وكان اتحاد الطلاب الجمهوريين الذي أسسه الحزب الشيوعي، أحد مؤسسي الاتحاد العالمي وعضواً في لجنته التنفيذية. شارك الشيوعيون في الاجتماع بينما رفضت الأحزاب الأخرى المشاركة لأنها كانت تناقش حل نفسها تحضيراً للوحدة مع مصر.
في عهد الوحدة بدأت حملة الإرهاب ضد الشيوعيين وأسست السلطة الاتحاد العام للطلبة في الجمهورية العربية المتحدة، وكان رئيسه هو رئيس الجامعة، ورئيس اللجنة الطلابية هو عميد الكلية، وبذلك كان هذا الاتحاد هو صوت السلطة أمام الطلبة وليس صوتاً للطلبة للدفاع عن حقوقهم، لم يعد من تنظيم طلابي حقيقي في تلك الفترة سوى اتحاد الطلاب الجمهوريين الملاحق، والذي عمل في ظروف بالغة الصعوبة.

المراجع
نشرة نيسان العدد 74 تشرين الأول 1996، والعدد 73 أيلول 1996.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1033
آخر تعديل على الإثنين, 30 آب/أغسطس 2021 23:14