الولايات المتحدة أنقذت البشريّة  من الطبيعة والفضائيين و«الرّوس» و«الصينيين»!

الولايات المتحدة أنقذت البشريّة من الطبيعة والفضائيين و«الرّوس» و«الصينيين»!

يقال: إن المجرم يبقى يدور حول جريمته. والولايات المتحدة، ممثلة الإجرام الإمبريالي العالمي، تقوم بذلك الدوران الكثيف والمتكرّر حول جريمتها في قطاع أساس من دعايتها عبر صناعة الأفلام وهوليوود. والأمثلة كثيرة ومبالغة في آن. فالولايات المتحدة أنتجت مئات الأفلام للقول: إنها أنقذت البشرية، أو كانت هي في طليعة تلك المهمّة. ولكنها في غالب تلك المهام «المنتصرة» واجهت الطبيعة والفضائيين، و«الرّوس». وفي كل ذلك جوهر تضليلي حول العدو الرئيس للبشرية: الرأسمالية.

الإنتصار ضد الطبيعة!

أنتجت هوليوود أفلاماً عديدة تمثّل فيها خطر الطبيعة على البشرية، في نماذج تحاكي يوم «الدينونة» أو «القيامة» وذلك لإعطاء السياق مبالغة صادمة. ومنها نذكر مثلاً: «النواة»-The Core (2003)، حيث تتعطل حركة الصهارة المحيطة بنواة الأرض، فتقوم الولايات المتحدة بتشكيل فريق «انتحاري» للوصول إلى الصهارة، عبر جهاز اخترعه أمريكي حكماً، وإعادة تحريك الصهارة من خلال انفجارات نووية مدروسة التوقيت. تنجح، ويضحي الغالبية بحياتهم فداء للبشرية! فيلم «الكارثة»-Armageddon (1998) يحاكي احتمال تدمير الأرض من خلال كويكب ضخم... وهنا طبعاً الولايات المتحدة تتقدم المشهد عبر فريق «انتحاري» يفدي البشرية، عبر الوصول إلى الكويكب وتفجيره نووياً من داخله. ينجح الفريق، ويضحي الغالبية بحياتهم وتنجو البشرية مرة جديدة! فيلم آخر شبيه بـ «الكارثة» هو فيلم «التأثير العميق»-Deep impact (1998)، الذي يحاكي تدميراً «بطولياً» لكويكب سوف يؤدي إلى الانقراض. أما فيلم «اليوم ما بعد الغد»- The Day After Tomorrow (2004) يتحدث عن عصر جليدي يضرب الكرة الأرضية، ولكن هذا المرة لم يتم تسجيل إيقاف للكارثة، بل هروباً منها، ولكن تظهر البطولة الأمريكية عالمياً في محاولتها المستميتة لإنقاذ شعبها وباقي الشعوب، وفي سياق الفلم، تلغي الولايات المتحدة ديون المكسيك مثلاً، من أجل السماح للأمريكيين باللجوء باتجاه الجنوب حيث تأثير العاصفة أقل. أما فيلم عاصفة الطقس أو الجيوستورم- Geo Storm (2017) يحاكي حالة السيطرة على أقمار صناعية وظيفتها التلاعب بالطقس، من أجل توليد عاصفة عالمية وذلك لأهداف سياسية، وهذه المرة المؤامرة من داخل الولايات المتحدة، من قبل قسم «فاسد» من النظام الأمريكي من أجل السيطرة على العالم! ولكن سرعان ما يهبّ القسم الأعظم «الخيّر»، ويوقف العملية بعد سلسلة كوارث تضرب الأرض.

وتمر الرسائل السياسية في تفوق الولايات المتحدة العلمي والأخلاقي والمسؤول عن باقي «الأمم»، وتُظهر مدى تخلف الدول الأخرى، كالروس تحديداً، فأحد مشاهد فيلم «الكارثة»، يُظهر خبيراً روسياً ضمن الفريق الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة، وهو يضرب المعدات في المركبة من أجل إصلاحها، ويعلن صراحة: «هكذا نحن في روسيا نصلح الأمور»! في دليل على بدائية التفكير الروسي ولا علميّته.

الإنتصار ضد الفضائيين!

الخطر على البشرية يأتي أيضاً من الفضائيين. وهذا الكلام يكثر مؤخراً، خصوصاً في كلام بعض السياسيين عن التواصل مع الفضائيين! أو في الترويج الغامض لموجة «الجسم الحديدي» الغريب الذي يظهر مؤخراً في غير موقع من العالم!

إن فيلمي «يوم الاستقلال»-Independence Day (1996) ويوم الاستقلال: القيامة- Independence Day: Resurrection (2016)، يحاكيان هجوماً فضائياً على الأرض، ومن غير الولايات المتحدة لتنقذ البشرية، علماً ومسؤولية أخلاقية وإنسانية؟! وهنا يُظهر العلماء الأمريكان جيشها، وقدرتهم على التضحية وعلى قيادة وتحفيز باقي الدول من أجل التصدي للهجوم. لا بل إن رئيس الجمهورية نفسه يتطوع في المعركة كونه طياراً سابقاً في نهار مميز بالنسبة للولايات المتحدة، وهو يوم الرابع من تموز- يوم الاستقلال (من هنا جاء اسم الفيلم). ينجح التصدي ويتم إنقاذ البشرية هنا أيضاً. المريخ يهجُم- Mars Attacks (1996) هو فيلم يحاكي هجوماً لفضائيين للسيطرة على الأرض. وتتصدر الولايات المتحدة المشهد من خلال اكتشافٍ بالصدفة، عبر استخدام الموسيقى من أجل تفجير أدمغة الفضائيين. ويظهر في الفيلم تفاني القيادة السياسية والعسكرية للولايات المتحدة للتضحية بذاتها. تنجح الفكرة ويتم إنقاذ البشرية. أما فيلم النسيان-Oblivion (2013) يُظهر بقية قليلة من «أبطال» بشريين يواجهون محاولة القضاء على الجنس البشري. وهؤلاء الأبطال هم حكماً أمريكيون. أما سلسلة أفلام رجال باللباس الأسود- Men in Black (1-2-3-4) (2019- 2012- 2002- 1997) يُظهر وكالة سرية أمريكية من أجل حماية الكوكب من الغزو الفضائي «الشرير» على الرغم من وجود فضائيين «أخيار» يعملون مع الإنسان ويتعايشون مع البشر على الأرض بشكل مموّه. هذه الوكالة تُظهر أناساً تخلّوا عن حياتهم الشخصية، وضحوا بها لصالح التخفي الدائم ضمن الوكالة. ودائماً ينتصر «البطل» الأمريكي وقدراته العلمية وأخلاقياته العالية. فيلم «حافة الغد» يُظهر سيطرة الفضائيين على أوروبا بعد غزوهم للأرض، فيتصدر فريق عالمي وأساسه الولايات المتحدة لهم، فتنتصر البشرية مرة أخرى.

الوحدة العبثية

تطول لائحة الأفلام التي تظهر العدو الخارجي للبشرية، وتوحد الدول والقوى والطبقات من أجل الواجهة المشتركة. هذه الوحدة الوهمية للقوى السياسية والاجتماعية تقفز فوق التناقضات السياسية والطبقية، وتلغيها. بغض النظر عن ضرورة وحدة البشرية في مواجهة الأخطار المحدقة بالبشرية. ليس فقط القفز الإيديولوجي، فوق الانقسام الطبقي، وهو المطلوب تثبيته في الأفلام، بل إظهار قيادة الولايات المتحدة للبشرية جميعها، وإظهارها أمة الحريّة والإنسانية. وهذه المحاولات تتثبت من خلال إظهار باقي الشعوب والدول كعناصر مشبوهة، أو جاهلة، يحكمها الجهل. فالمافيا دائماً روسيّة، والأغبياء والبسطاء ذهنياً هم دائماً من الصّينيين، أو شبكات الإتجار بالبشر هم من الصينيين.

الولايات المتحدة لم تنقذ البشرية، بل شُبّه لهم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
996