35 ألفاً لرجال بانفيلوف الـ 28
اعتاد الناس على مشاهدة أفلام سينمائية من إنتاج الشركات الكبرى مثل هوليوود التي تملك رأس مالٍ ضخماً، لتحقق هذه الشركات ملايين الدولارات من وراء هذه الأفلام.
هل تعرفون أنّ هذه الهيمنة السينمائية الهوليوودية بدأت تهتزُّ؟ كيف حدث ذلك يا ترى؟
رجال بانفيلوف الـ 28
سنة 2016 أنهى المخرجان السينمائيان كيم دروجينين وآندريه شالوبا إخراج فيلم «رجال بانفيلوف الـ 28» فى إطار من الأكشن والدراما التاريخية، ويدور ملخص قصة الفيلم حول الاتحاد السوفييتي أواخر نوفمبر عام 1941 مقتبساً من قصة حقيقية كمقال منشور فى جريدة الجيش الأحمر «كراسنايا زفيزدا» للمراسل فاسيلي كورتيف بعد المعركة بوقت قصير.
تحدث المقال عن قصة رجال كتيبة المشاة 316 المكونة من 28 جندياً من الجيش الأحمر تحت قيادة الجنرال إيفان بانفيلوف الذي أوقف تقدم 54 دبابةً نازية من الفرقة الحادية عشرة نحو موسكو.
استشهد غالبية أفراد الكتيبة واستطاعوا كسر الهجوم الألماني في قطاعهم بأسلحتهم البسيطة. وتحول المقال المنشور عام 1941 إلى فيلم سينمائي عام 2016 وانتشرت قصة هؤلاء الرجال في العالم.
دور الناس بدل الشركات
كتب الكثير عن الأفلام السينمائية والروايات التي تتحدث عن الحرب العالمية الثانية، ولكن هذا الفيلم يختلف بطريقة إنتاجه.
يعرف القرّاء أن إنتاج الفيلم السينمائي يحتاج إلى تمويل شركات رأسمالية عملاقة، ومن ثم جمع أرباح الفيلم لصالح مالكي هذه الشركات.
ولكن في حالة فيلم «رجال بانفيلوف الـ 28» كان تمويل الفيلم جماعياً، وشارك الناس في التبرع لإنتاج الفيلم الذي بلغ عدد المتبرعين لصناعته أكثر من 35 ألف شخص، بينما استكملت حكومتا روسيا وكازاخستان باقي الميزانية التي بلغت بمجموعها مليون و700 ألف دولار. ليبقى دور الشركة تقنياً غير متحكمَّ.
يبرز فيلم «رجال بانفيلوف الـ 28» دور الناس والدولة والاقتصاد التعاوني في صناعة السينما بدل الإمبراطوريات الرأسمالية الخاصة كهوليوود بل وتبشر بكسر هيمنة الأخيرة على السينما. وهي الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل لرسم دور «الدولة» في مجال السينما واستخدام عائداتها العامة للدول بدل الخاصة للشركات، بل وترسم دور السينما نفسها في القرن الحادي والعشرين. هل هو في خدمة الناس أم في خدمة أصحاب الأرباح؟
خط الفصل الفلسفي في السينما
نستطيع اليوم أن نتحدث عن شيء اسمه خط الفصل الفلسفي في السينما، ومن أبرز ملامح هذا الخط: مواضيع الموقف من العنف وأخوة الشعوب.
أولاً: موضوع العنف، في الوقت الذي تلعب أفلام هوليوود دوراً مباشراً في التحريض على العنف والقتال بمختلف أشكاله كطريقة لحل مشاكل الحياة، بدءاً من أفلام التحريض على الجريمة إلى الأفلام التاريخية، يبرز نوع من السينما الجديدة في العالم «روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان بشكل خاص» بتخفيض المشاهد العنيفة القاسية في لقطات الأفلام كي لا تسبب للمشاهد تحريضاً غير مباشر على العنف، وحتى الأفلام التاريخية الحربية بدأت تخلو من المشاهد الدموية التي تعتبر «هوليوود» الأمريكية زعيمتها العالمية.
ثانياً: موضوع أخوَّة الشعوب وصداقتها: تمتلئ سينما هوليوود بمشاهد ورموز وإشارات لإهانة الشعوب وخاصة الشعب الفلسطيني إضافة إلى الروس والأكراد وشعوب شرق أوروبا وباقي شعوب البلدان الفقيرة، إضافة إلى ترويج فكرة تفوق الرجل الأبيض وصراع الحضارات. أما السينما الجديدة تصور وتحيّي ما حدث منذ عقود قليلة لمحطات من الحياة المشتركة للناس مثل: فيلم رجال بانفيلوف الـ 28 ومسلسل قاسم الكازاخي وغيره، حيث يقاتل الروسي والأوكراني والكازاخي لوطن لواحد.