تكريم بحجم وقدر وشكل المأساة الإعلامية المحلية
أثبت معظم القيمين على البرامج المنوعة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بمختلف أقسامها، وفي مناسبات أكثر من أن تحصى، أنهم بحاجة إلى دروس طويلة وجهود مضنية من المختصين المرميين في الظل لمحو أميتهم الإعلامية..
والكارثة، أن هؤلاء فقيري المعرفة والموهبة والحرفة، لا يدركون هذه الحقيقة/ المأساة، لأنهم منذ تلك اللحظة التي ربّعهم فيها أصدقاؤهم النافذون على كراسيهم وثبّتوهم بمساندها ومخملها، وجدوا من يصفق لهم، ويثني على جهودهم، ويجزل لهم العطاء، ويمنحهم الجوائز والترقيات، كما أنهم أحيطوا بمريدين أكثر أميةً منهم، وأثقل دماً، ما انفكوا يمجدونهم ويعدّونهم القدوة والمثل ويحذون حذوهم في الفشل الذريع الذي جعل منابرنا الإعلامية في ذيل القائمة عربياً وإقليمياً..
والحال كذلك، قلما نجا برنامج منوع، مرئي أو مسموع، من السطحية والتهريج والببغائية وسوء الإعداد والتقديم والإخراج، ولعل المتتبع لمسيرة البرامج المنوعة الإذاعية والتلفزيونية التي أنتجتها الهيئة خلال عقود، قد لا يتذكر بالخير سوى بعضها النادر، وهذا البعض النادر غالباً ما قُصف عمره مبكراً بذرائع مختلفة لخروجه عن السائد والطاغي الرديء..
والمشكلة الكبرى أن المأساة ما تزال مستمرة، ومن شهد احتفال إذاعة صوت الشباب بعيدها السابع، أو سمع أخباره، سيدرك مدى إصرار غالبية المسؤولين الإعلاميين المحليين على التمسك بأميتهم ومعاييرهم وأساليبهم، حيث شهد الاحتفال تكريم برامج وأشخاص لا يستحق معظمهم التكريم، وتم إهمال وتجاهل من يجب، على أقل تقدير، أن يقال لهم: شكراً.. وأكبر المفاجآت تمثلت في التغافل، ولن نقول التعامي، عن برنامج «نجمة الليل» الذي تعده وتقدمه الفنانة أماني الحكيم ويخرجه الشاب عامر محرز، وهو برنامج استطاع الخروج (نسبياً ضمن مناخات وشروط وإمكانات الهيئة) عن نسق الرداءة، وهذا ما جعله يحقق خلال سنوات عمره الثلاث جماهيرية كبيرة، الأساس فيها تناوله الكثير من القضايا الاجتماعية بصورة مختلفة عن الشائع، تجمع بين الجدية والرقي وخفة الظل، وأثبتت فيه أماني الحكيم، بتحكمها بصوتها وسرعة بديهتها وبساطة أسئلتها وحواراتها وابتعادها عن المباشرة والثرثرة، أنها ذات موهبة رفيعة في الإعداد والتقديم..
لقد أصبح ملحّاً أن تتطهر المنابر الإعلامية السورية من المحسوبيات والمجاملات والقرارات والتقييمات المزاجية، ومن عديمي الموهبة والمدعومين، وهذا برسم مسؤولي الإعلام ليبادروا بالسير نحوه واعتماده منهجاً، إذا لم يكن لغايات عامة، وهذا الأهم والأبقى والأنجع، فليكن لأسباب ذاتية لكي يجدوا مرة واحدة في حياتهم على الأقل، من يقول لهم: شكراً.. نابعة من القلب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 412