إبراهيم الكوني: الربيع العربي لم يبدأ بعد
لا يرى الروائي الليبي إبراهيم الكوني أن الربيع العربي قد بدأ، ويعتبر أن الربيع يحتاج إلى مواقف أكثر جذرية، وأن التغيير الشامل يحتاج لتنمية بشرية، والمثقف العربي بالنسبة له وقع بين محنة عدم وجود قراء وعسف النظم.
وأكد الأديب الليبي إبراهيم الكوني الذي يشارك في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب حيث يوقع روايته «جنوب غرب طروادة، جنوب شرق قرطاجة»، أن «الثورات العربية لم تحقق أهدافها حتى الآن. وما جرى هو التخلص من أنظمة شمولية لتحل مكانها العشائرية والاتجاهات الدينية، من دون أي تغيير يذكر».
وأشار الكاتب -الذي اختارته مجلة «lire» (اقرأ) الفرنسية من بين خمسين أديبا عالميا يشكلون إبداعات القرن الحادي والعشرين- إلى أن «ما يطلق عليه الربيع العربي لم يصل حتى الآن إلى الربيع.. فنحن في أواخر الشتاء، وما زال البرد مسيطرا ولم تتفتح الأزهار بعد ولم تعط الأرض خيراتها حتى الآن».
حلّ هذه الإشكالية وفقا للكوني يتعلق بـ«ضرورة التغيير الشامل في الوطن العربي، وتحقيق التنمية البشرية الشاملة. لكننا في اللحظة الراهنة ما زلنا لا نشعر بدفء الربيع ونحن بالكاد خرجنا من صقيع الشتاء. والربيع بحاجة إلى مواقف أكثر جذرية».
صاحب «نزيف الحجر» يرى أيضاً أن «هناك ثغرة كبيرة بين المثقفين في عالمنا العربي والشعب، ويعود ذلك إلى محنة عدم وجود قراء بالإضافة إلى محنة قراءة تسبب بها النظام العربي عندما عمد إلى التجهيل وإضعاف النظم التعليمية حتى أصبح من الصعب إتقان اللغة العربية».
وشرح أن «اللغة العربية أصبحت مثل اللغة اللاتينية، وعلاقة اللهجات بها متباعدة مثل علاقة اللغة الإيطالية بسالفتها اللاتينية، في الوقت الذي يحتاج فيه المثقف إلى الكتابة بلغة مكثفة. وهنا أصبح المثقف والشعب ضحايا النظام الذي عمل على تجهيل الشعب».
وقال الروائي المقيم في سويسرا منذ أكثر من أربعين عاما، والذي يعتبر من بين كبار الكتاب السويسريين، «لقد رفضت الكتابة بغير اللغة العربية على الرغم من أنني عندما بدأت الكتابة بها كنت أتقن الروسية أفضل من إتقانها، ويمكنني أيضا الكتابة بأكثر من لغة. لكنني أصررت على الكتابة بالعربية لأنها تعبر عني وتشكل صلة الوصل مع قرائي الذين أهتم بهم».
وما يزال المثقف، حسب صاحب «عشب الليل»، يعاني من حروب السلطة الدينية والسلطة السياسية وابتعاد الشارع عن الثقافة. وتكمن المأساة في أنه ينظر إلى المثقف كأنه فارس للثورة، وهذا ليس حقيقيا. فالمثقفون ممهدون للثورة وليسوا شهود عيان.
وقال بألم «مثلا، أصدرت 75 كتابا لم يقرأها الليبيون ولا العالم العربي، في حين أن حضوري الأوروبي أقوى. وقد استفدت من هذا الحضور لدعم الثورة الليبية، وفي الوقت نفسه التنبيه إلى المخاطر التي يمكن أن تنزلق إليها، وهذا أيضا يتعلق بالمتغيرات في العالم العربي».
وفي إطار مقاربته للربيع العربي، يرى الكوني أن اتجاه الأحزاب الدينية للاستيلاء على السلطة يفقدها مصداقيتها، مشددا على «استحالة الجمع بين الدين والدنيا. فالسلطة دنيوية تقوم على المصالح، بينما الدين إلهي يقوم على نكران الذات. لذا لا يمكن لهذه الأحزاب أن تستولي على السلطة إذا أخلصت لمبادئها. لكنها ليست كذلك، بل هي تسعى إلى السلطة لتحقيق مصالحها».