التلفزيون.. والبرامج الرمضانية ســـوبر مسابقة.. ســـوبر مشاهد..!

استطاع التلفزيون السوري، بحق، تكوين حالة حميمية متميزة مع مشاهديه، اينما كانوا، لدرجة يمكن القول ودون مجازفة: صار الصغيرة ومن خلال ما تقدمه من برامج ناجحة خلال شهر رمضان حضور لافت في ذاكرة المشاهد، بل ان هذه الشاشة استطاعت ومن خلال تجربة زمانية طويلة، أن تغدو جزءاً من الذاكرة الرمضانية..

وواضح، أن المعنيين ببرامج التلفزيون السوري يبذلون عاماً وراء عام، الكثير من الجهود التي تكللت بتكوين مثل تلك الحالة، حيث ثمة مفاجأة سنوية تدهش المتابع سواء أكان على صعيد البرامج الخاصة، أو ما يقدم من  خلال هذه الشاشة من مسرحيات  وأعمال فنية - بخاصة -، وعربية وعالمية، بعامة،  والأمر الذي دعا الجميع يقر ان حصيد هذه المؤسسة خلال هذا الشهر جدير بالمتابعة لما يشكله - عادة - من مناخ جميل ، مدهش، جدير بالاهتمام....! 

وعلى الرغم من انصرافي الشخصي - كمثال-، إلى اهتمامات ومجالات أخرى غير تلفزيونية، وبالتالي انشغالي عن برامج التلفزيون، الا انني أعد نفسي أحد هؤلاء الذين تستهويهم هذه البرامج خلال الشريط الرمضاني، لما تتركه في النفس من صدى و بهجة ومتعة وانس.

بيد ان ما دعاني أصاب بالذهول - ومنذ الدقائق الأولى في أول يوم رمضاني خلال هذا العام هوتلك الاستهلالة - غير المريحة البتة في برنامج - مساء الخير - الذي قدمته الزميلة المعروفة أمل مكارم....، بعد ان قدمت - مسابقة اليوم الأول - وكانت عبارة عن دعوة إلى معرفة اسم ملحن أغنية - يامال الشام! - التي غدت جزءاً من التراث الفني السوري العريق.

ولعل داعي هذا الذهول الذي تملكني، وسبق وان أشرت إليه، هو أن أفراد أسرتي - كسواهم بالتأكيد - من آلاف الأسر في سورية، استعدوا للمشاركة في الإجابة عن السؤال، بيد ان المذيعة فاجأتهم، بان الإجابة ينبغي ان تكون عبارة عن رسائل قصيرة عبر خطوط هواتف شركة سيريتيل - حصراً....!!!

طبعاً، هذه المسابقة لم تأت ضمن - اعلان تلفزيوني مأجور - بل ضمن برنامج يقدم باسم التلفزيون  السوري نفسه، وفي مثل هذا التوجه دلالات واضحة مؤلمة ، وإعلان صارخ لوضع القطاع العام لخدمة القطاع الخاص- وهي الملاحظة نفسها التي وجدتها وانا اشاهد-  لافتة كبيرة - على أحد مباني المؤسسة العامة  للاتصالات و لصالح هذه الشركة الهاتفية نفسها....!!! 

لااريد ان استرسل بعيداً - خلال هذه العجالة - للحديث عن  مثل هذا السلوك، ولا عن هذه الشركة وأخواتها، لان ذلك موضوع آخر يمكن تناوله خلال وقفة أخرى....!!!

ولكن كل ما يمكن ان أقوله هنا هو: إذا كان التلفزيون السوري- وبعيداً عن مطبخه الرمضاني  الباذخ الذي نكاد لانصدقه -  استطاع عبر رحلة زمنية طويلة ان يكون قريباً  من مشاهده خلال هذا الشهر الذي يشكل علامة مائزة في روزنامة مواطننا، فإن واقع المشاهد الآن ليفرض عليه المحافظة بأكثر على مثل تلك العلاقة المتميزة، وان يرسخها ويطورها، معتمداً - باستمرار - على دراسات جديدة تنطلق من واقعه وحاجاته لا ان تفرض عليه برامج تخرج على المعادلة الرئيسة التي تربطه بهذه الشاشة....»

■  إبراهيم اليوسف

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.