أوراق خريفية «مباحثات سرية»

رشف القهوة العربية المرة المشبعة بالهال، على ثلاث دفعات، وقلقز الفنجان بالهواء شاكراً.. فقد أتقن هذه الحركة بعد أن أصبح من أهل البيت والمطبخ…

■ شكراً سمو الأمير!

■■ يا هلا ومرحب.. صحة إنشالله.. شرفت المملكة..

■ (برصانة وجدية) بادئ ذي بدء، أرجو من سموكم طمأنتي عن وضعكم الصحي؟

■■ (مبتسماً) عال العال.. صحتي ولله الحمد، كما ترى…. زين.. لدينا مقطع من أغنية لأحد المطربين العرب تقول: «قلبك شب بتبقى شب ولو عمرك فوق المية».. وأنا أقول (مشيراً إلى جهازه التناسلي): طالما هذا بخير، فأنا بخير مهما تقدم بي العمر.. طال عمرك!..

■ (ضاحكاً بمكر.. كه كه كه) عظيم.. عظيم، هذا مانتمناه… ( ثم تنحنح معدلاً جلسته) والآن، لندخل بالموضوع مباشرة، حرصاً على وقتكم الثمين سيدي! لقد آن الآوان لتلقين هؤلاء الإرهابيين ـ جيرانكم ـ  درساً والإطاحة بهم.. إنهم يشكلون خطراً جدياً عليكم وعلى مصالحكم! ونحن كما تعلمون حريصون عليكم حرصناعلى مصلحتنا وأكثر.. إنهم يملكون أسلحة تدمير شامل يا سمو الأمير!

■■ أدري.. أدري، لعنة الله عليهم..

■ ليس هذا فحسب، لقد علمت استخباراتنا أنهم يخططون لغزوكم وعزلكم و…

■■ (مقاطعاً بهلع) ول.. ول.. ول.. ماذا تقول يا مستر..أ.. (ناسياً اسمه لصعوبة لفظه)؟!

■ (بمنتهى الجدية) كما سمعت سيدي! إنهم حاقدون عليكم … يحسدونكم على النعم التي أغدقها الله عليكم.. ونحن طبعاً لن نسمح لهم لمجرد التفكير بأذيتكم.. وسنقطع دابر الإرهاب في هذه المنطقة… وأنتم تعلمون كم سيكلفنا ذلك، من إعداد الخطط الحربية.. وتقديم هدايا ومساعدات لبعض البلدان، من أجل الوقوف إلى جانبنا في المحافل الدولية… بالإضافة إلى غير ذلك من التسهيلات التي تتطلبها المعركة المقدسة ضد الإرهاب!.. ونحن بالطبع نتكل عليكم يا سمو الأمير!

■■ زاد خيرك..  فضلكم على راسنا يا مستر (…أ…) أدري أنكم تحتاجون للمال وخلافه وخزينتنا بإذن الله تحت تصرفكم.. ولكن في موضوع مهم لازم أطرحه وياكم!

■ تفضل يا سيدي! كلي آذان صاغية إليكم!

■■ تعرف ظروف المنطقة وحساسيتها هذه الأيام.. وأكيد المستر لايريد إحراجنا أمام شعوبنا ويرخصلنا ببعض التصاريح المناهضة لحكومته (غامزاً بإحدى عينيه) حرصاً على مشاعر الأمة..

■ طبعاً طبعاً… هذا مفهوم.. أنتم مقبلون على عقد اجتماع قمة عربية قريباً، ويمكنكم المزاودة على بعض المتشددين من الزعماء العرب في هذا المجال…(مستطرداً) صدقني أنكم بنعمة سمو الأمير! شعبكم طيب، مطيع،  لايضرب، لا يتظاهر، لا يحتج..لا…إلخ.. أما نحن (هازاً برأسه لليمين واليسار بأسى) يصرعوننا بصحفهم واحتجاجاتهم ومظاهراتهم وبمختلف الأشكال والألوان…

■■ أي بالله!.. (بحرج شديد) فيه موضوع ثاني أريد طرحه وياكم..!

■ أنا في غاية الحبور لسماعكم…!

■■ مستر (..أ..أ..) مانرجوه يا رعاك الله! ألا تطول فترة الحرب هذه .. أنتم أدرى من غيركم بالتداعيات التي يمكن أن تنجم عنها..! ماودنا وجع راس.. كل فصعون في بلدنا صار عنده ديجتال وعنكبوت… و مابعرف شو… و الكون أصبح ـ كما يقال ـ  قرية صغيرة بفعل التنكوجا.. التلكوجا.. والله ما أدري شنو اسمها؟.. وبالتالي صاروا يعرفون الشاردة والواردة.. كل صغيرة وكبيرة في هذا العالم مستر (..أ..أ..)

■ سيدي سمو الأمير! إن خطتنا في السيطرة على هذه المنطقة الحيوية الغنية بالنفط ـ مستدركاً أعني هذه المنطقة التي تسعى لتشكيل محور الشر وتؤوي وتصدر الإرهابيين إلى مجتمعاتنا.. أقول خطتنا في اجتثاث بؤرة الشر هذه، لاتتعدى الأيام، بل الأسابيع على أبعد تقدير.. إننا ندرك مخاطر إطالة الحرب، ونقدر ونفهم قلقكم حيال ذلك.

(يدخل مدير مكتب سمو الأمير ليذكره بموعد جلسة التدليك والمساج اليومي)

■■ (ينهض الأمير معتذراً بابتسام) سنلتقي على مائدة العشاء هذه الليلة إنشالله مستر (..أ..أ..)

■ (ناهضاً هو الآخر) بكل سرور سيدي! طاب يومك.. أتمنى لكم حماماً هنيئاً وقيلولة طويلة أهنأ..

 

اللاذقية ـ ضيا اسكندر