السينما.. إذ تراوح
مجموعة تظاهرات من العروض السينمائية وتحف الإنتاج العالمي المتوفر في سوق الـDVD شكّلت مهرجاناً لم يضف على تظاهراته ما يكون منه مهرجاناً إلا حفل الافتتاح وحفل الختام وعدد من المطبوعات، بحيث يبدو أضعف ما في المهرجان هو الظاهرة المهرجانية والعروض السينمائية المحلية... فيتكرر الكلاسيك الاحتفالي من خلال عروض راقصة لا تعبّر عن ماهية محددة، ولا تحمل هوية واحدة رغم انطلاق المهرجان من مبدأ المكان، بحيث أن أولئك الضيوف العالميين اطلعوا من خلال المهرجان على ما هو عام ومعروف بالنسبة لديهم، فلم يضف لهم المهرجان إلا حضوراً جديداً في دمشق، فكان مغزى الزيارة عملياً هو زيارة المكان أكثر من زيارة النشاط، بحيث أن أقوى ما في المهرجان هو حمله لاسم هذه الحاضرة العظيمة، التي يبنى على أساس اسمها الكثير من المشاريع الثقافية ضعيفة الأثر.
اختتم المهرجان بعد سبعة أيام من محاولات تلطيف الجو والمحاباة وكسب الشهادة فيه وامتداح الصحافة لتهيئ له سريراً مناسباً لتنام فيه السينما عاماً كاملاً، وليحاول مديره منذ افتتاحه خلق علاقة جديدة مع الصحافة التي برأيه تنتهز الفرصة للطعن بالمنتج السينمائي المحلي، والتي يجلس رجالها في المقاهي دون عمل، وينتظرون قدوم المهرجان ليبدؤوا سن أمواسهم وتجريح هذا المنتج العظيم.
وبالفعل ركب البعض مركب إدارة المهرجان للاحتفاء بهذه الظاهرة المتفردة عن الوضع الثقافي العام!! لتمرير كل العثرات والثغرات واللا منطق في أغلب الفعاليات، ابتداءً من تكريم أسماء لا ناقة لها ولا جمل في السينما لتقف إلى جانب نجوم عالميين كبار بالمعنى الكامل أمثال إمير كوستوريتسا، وقفة واحدة، ويحمل التكريم اسم الجميع في صورة تذكارية سوف يخلدها المكرمون من أبناء الدراما المحلية.
أتى كوستوريتسا وذهب... وربما كان حضوره هو النقطة الأهم في حضور المهرجان على خارطة المهرجانات السينمائية العربية.. ومن الجيد أن هذا النجم لم يحضر سينمانا من خلال تجربتين تم تقديمهما في المهرجان... فظلت الظاهرة الاحتفالية في ذاكرته دون الاطلاع على غوغاء الإنتاج السينمائي المحلي الراهن الذي لم يستطع التشبه بإنتاجات دول هي أقل بجميع إمكانياتها.
هنيئاً لنا بالتظاهرة السنوية، وهنيئاً بالاحتفاليات التي تحاكي سوانا وتحاول يائسةً التشبه بالآخر ومحاكاة تجاربه بهدف الوصول إلى مشروع ثقافي له اتجاه محدد.