إبراهيم الكوني في كتابه الجديد.. اللغة ولغز الطوارق

صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب للروائي والشاعر الليبي إبراهيم الكوني، حمل عنواناً مركباً أتبع بوصف بدا عنوانا آخر "ملحمة المفاهيم-لغز الطوارق يكشف لغزي الفراعنة وسومر- بيان في لغة اللاهوت".

وقد قدم المؤلف للكتاب بكلمة عن اللغة قال فيها إن "اللغة ليست قانوناً موضوعاً من قبل العلماء أو مؤلفي المعاجم، ولكنها حصيلة عمل، حاجة، علاقة، فرح، هوى وذوق أجيال الإنسانية السالفة من خلال امتلاكها أسسا حميمة الصلة بأمنا الأرض".

ويبدو الكوني في كتابه الجديد الذي يعد واحدا من سلسلة نتاجه الغزير، كمن يدخل عالم اللغات بعقلية شاعر، وأحيانا أخرى كمن يدخلها عبر الفلسفة ومعتقدات قديمة، ويربطها بأوضاع حديثة بنظيرات لا مسوغ لها في أغلب الأحيان رغم تأثير لغة الكاتب البارز في القراء بشعريتها وامتلائها بالفكري الفلسفي والأسطوري الخرافي.

يبدأ المؤلف الكلام عما يسميه "زاي الكينونة زد" ويدخل عالم الفلسفة اللغوي إذ يقول "يقف حرف الزاي في لسان البدايات على طرفي نقيض مع حرف آخر قرين له في النطق ولكنه بعيد عنه في المدلول ألا وهو السين، فإذا كان الحرف الأخير قد ارتحل عبر لغات العالم لتأدية رسالة الجوهر أو كل ما له صلة بالباطن استعارة من لغة التكوين فإن حرف الزاي قد اختار أن يسلك سبيل المظهر في رحلة العرفان من خلال حمولته الدلالية".

وفي مجال الحديث عما أسماه "سين الجوهر أس" بحث مستفيض ومقارنة بين عدد من اللغات في هذا المجال. لكن ما يلفت نظر القارئ مثلا أن المؤلف يربط بشكل غير مبرر -كما يبدو- بين مفاهيم حالية وأخرى قديمة لمجرد تقارب لفظي في الحديث.

فعن كلمة "مزر" التي تعني حامل الراية بالطوارقية كما يقول إذ إن زعيم القوم سمي كذلك لأنه يحمل الراية ويتقدم القبيلة عقلا أو سيفا على حد سواء, ينتقل الكوني بسبب شبه لفظي إلى القول "وفي اللغات الأوروبية استعارة لذات الكلمة البدئية بذات المعنى في كلمة "مودريتور" التي تدل على التقديم وذلك بإبدال شائع بين الدال والزال".

غير أن المؤلف ومع الشك في صحة ما وصفه بأنه أصل الكلمة، يغفل عن أن الكلمة الإنجليزية هذه عبرت أصلا عن معان أخرى غير ما أشار إليه، ومن هذه المعاني الغالبة الوسيط بين طرفين وأن من يدير حوارا هو في الأساس وسيط، قبل أن نعرف فكرة إدارة الحوار أو الجلسات ويتهيأ للقارئ أنها تأتي من معنى الاعتدال أو الوسطية أكثر من معنى القيادة.

وفي الحديث عن "سيجنم" يقول إنها تعني أصلا "علامة" باللاتينية وانبثقت منها كلمات بالجرمانية، أما في الإنجليزية فيقول إن الاسم اللاتيني أكثر وضوحا في كلمة "ساين" التي تعني توقيعا إلى جانب معنى العلامة، ويعيد هذه الكلمة الإنجليزية مرتين وقد جاءت مهجأة بالأحرف الإنجليزية بشكل غير صحيح، لينتقل إلى القول إن المقابل الطوارقي لهذه الكلمة هو "بصمة" التي تعني العلامة والتوقيع.