ماذا تقول يا صاحبي «ضحوا يزهر الوطن»

 بعد أسبوعين ستطل الذكرى الحادية والثمانون لتأسيس الحزب الشيوعي السوري وهي مناسبة ـ كما يعرف الجميع ـ يجدر التوقف عندها لاستخلاص العبر، وشحذ الهمم.

  * نعم... وهي لا شك محطة نستعيد من خلالها شريط العمل والنضال لثمانية عقود من الزمن بحلوها ومرها، بنجاحاتها وإخفاقاتها، في مراجعة نقدية تؤكد الإيجابيات، وتتجاوز السلبيات والنقائص والأخطاء، لتكون بحق منطلقاً جدياً نحو استعادة الحزب لدوره الوظيفي بكونه حزباً وطنياً شعبياً، حزباً للكادحين.

   تماماً... وبرأيي كي يستعيد الحزب ألقه النضالي، لا بد من  أن تطرح جانباً كل تلك الإدعاءات المرتجلة والأحكام المسبقة الصنع، وأن تدرس مسيرة الحزب بأحداثها ووقائعها ضمن المراحل التي مرت بها، وفي إطار الواقع الذي تشكلت وحدثت خلاله، آخذين بعين الجدية والاعتبار أن مسيرة الحزب ونضاله هما جزأن هامان لا يتجزآن من التراث الكفاحي لشعبنا كله، جزأن من التراث الذي كوّنه ويكوّنه نضال جميع الوطنين في بلادنا.

  * وهذا بالضبط ما تناولته وثائق اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين التي جاءت ثمرة حوار رفاقي طويل شارك فيه آلاف الشيوعيين في مختلف أرجاء الوطن الذين توصلوا إلى أن وحدة الشيوعيين تعني إعادة بناء الحزب الذي تهشم وتهمش خلال العقود الأخيرة، هذا الحزب الذي سيكون الأداة الواعية الهامة للوصول إلى الأهداف الكبرى التي نذر كل شيوعي نفسه من أجلها. إننا ننحني في ذكرى التأسيس احتراماً لشهداء الحزب ومناضليه الميامين الذين نسجوا ببطولاتهم وتضحياتهم خيوط تاريخه الكفاحي الذي لا يمكن لعاقل أن ينكره أو يتجاهله.

   اسمح لي في هذه المناسبة أن أستعيد بعضاً من شريط الذكريات، بعضاً من القصائد الشعرية التي صورت نضال الشيوعيين البطولي في وجه الظلم والقمع والديكتاتوريات... ذلك النضال الذي يجب أن يستعيد ألقه دفاعاً عن الشعب والوطن.

  * لقد شوقتني لسماع ذلك، فصفحة البطولة والتضحيات صفحة مشرفة في سجل الحزب... هات أسمعنا ما عندك.

   يقول الشاعر:

أأنسى وكل الذكريات شهير                   عظيم ومحبوب لدي أثير

توالى شريط الذكريات يشدني                إليه وفاء لا يهون... كبير

بقلبي... بأعصاب الحنايا توهجت            عذاباتكم تدمي الحشا... وتثير

سجون الطواغيت افتراس كلابهم            ودهر بميدان الصراع عسير

وساحاتكم مذ كانت الساح تزدهي            مواطن فكر للخلاص تشير

حكاياتكم آلام عمر نسيجها                    فهل تنتسى... درب الكفاح مرير

***

ألا ويح الذي ينسى                  وهل تنسى مواقفهم

تشرفنا ضحايانا                     وهل أغلى من الشهدا

أبادوا ليلنا بددا                      فأنشد مجدهم بردى

وردد قاسيون صدى                 وقد كنا إذا نادى

نفير الشعب أجنادا                  نحطم ناب من عادى 

*** 

وكذلك قوله:

كم في دروبك من مشاعل عزة               ستظل تغري شمس شعبي بالطلوع

ذاك التراث نما وينمو سفره                  يسمو التراث عن الشراء أو المبيع

الحاملون همومنا في نبضهم                 هيهات يبلي عزمهم جور الوضيع

السوط والقضبان بعض همومهم             وهمومهم قطف المنى بغد وديع

المزة الظلماء بددها بهم                      عزم الصمود سما على ذل الركوع

ما وقفة الأحرار خافية بها                             وسدى تحاول دودة فصم القلوع

إنا شققنا فوق صم صخورها                 درب الأباة ولن يكون إلى رجوع

فإذا مررت بساحهم فاقرأبهم                  صافي أصول فجرت زخم الفروع

إني قرأت على العيون شعارهم               قمم المصاعب تحت أقدام الشيوعي 

  * جميلة هذه الأشعار تعيد للقلب زخم نبضاته ليتجدد الأمل والعمل... وأنا بدوري سأسمعك قصيدة حفرت على جدار زنزانة من زنازين سجن المزة:

  أختاه لا تبك الأخ الغائبا    

  عن عينك الحوراء في المزة

  في غرفة التحقيق... في الظلمة

  جاء الطغاة السود كالنقمة

  كالموت كالطاعون أيديهمو

  يا هول ما جنت على جبهتي

  أختاه... هذا العذاب القائم

  الغاشم... أسطورة ستبقى

  في خيال الصغار... حكايات الكبار

  والسوط يأكل ظهر الرفاق

  وتضج في صدر الرفاق

  ثورة الإعصار ولهيب نار

  لابد أن ينبلج النهار

  وتغمر الديار... ضحكات بريئات عذاب

  وتسحق إلى الأبد... قوائم الهول الأسود

  وترف ملء العيون... على كل الغصون

  حمامات السلام.

  فماذا تقول يا صاحبي؟!

 

■ محمد علي طه