حماية الثورات تكون بالثورة الكبرى
الثورة هي الزاد اليومي، الذي يصحو عليه العالم العربي كل صباح، فلهب الثورة التي أشعلتها تونس انتقل إلى مصر ثم اليمن فسورية وليبيا والبحرين، وتخشى دول عربية أخرى أن تمتد إليها الثورة، في كتاب «حماية الثورات تكون بالثورة الكبرى» يعرض المؤلف نبيل عبيد ما يصفه بخلاصة دراسات منشورة في علم اجتماع المعرفة العربية الإسلامية، عن هذه الثورات وآفاقها العربية.
يتكون الكتاب من ثلاثة فصول يتخذ كل فصل شكل باب به فصول أو موضوعات فرعية، إضافة إلى مقدمة وإهداء. وفي الفصل الأول الذي يحمل عنوان «تراث الثورة والثورة على الثورات» يعرض المؤلف أفكاره عما يصفه بفيروس التخلف وإجهاض الثورات والفشل التنموي ثم حصانة الثورة، أما في الفصل الثاني فيحمل عنوان «إعادة اللغة العربية لصنع الحضارة».
ويعرض فيه المؤلف ما يصفه بفيروسات الثورة، وما يعتبره نظام الخط العربي الذي يحول -على حد قوله- دون تثقيف الشباب، كما يقدم عيوب رسم الخط العربي، وفي الفصل الثالث، الذي يحمل اسم «ترقية آلية التفكير العربي» يتكلم عن آفات فيروس المنطق القياسي، والآلية البديلة للتفكير المنطقي القياسي، والمقاييس الاجتماعية البديلة للقياس الأرسطي.
ويقول المؤلف إن ما يصفه بفيروس التخلف في الثقافة العربية هو حالة طارئة على المجتمعات العربية، مثل الفيروس المرضي الذي يصيب جسد الإنسان أو حتى الفيروس الإلكتروني الذي يسبب عطلاً مؤقتاً لجهاز الكمبيوتر، ويؤكد أن مقومات نهضة وتقدم الأمة العربية موجودة، وهذه المقومات تتمثل في الموقع المتوسط من العالم وتوافر المواد الخام والبترول والأرض الخصبة والمياه، والموارد البشرية سواء كانت عقولاً مفكرة أو أيدي عاملة مدربة.
وفي السياق نفسه يؤكد المؤلف أن السبب الرئيسي لما تعانيه الأمة العربية من تخلف مؤقت هو تغييب المعرفة، وهو ما يظهر في الفجوة المعرفية بين العرب والعالم المتقدم الذي يعيش في توسع مستمر، وتزداد هذه الفجوة يوما بعد يوم، معتبراً أنه حتى مع الثورات العربية فإن هذه الفجوة لن تلتئم، مؤكداً أن تغيير النخب الحاكمة في العالم العربي لن يكون هو العلاج لهذه الفجوة، بل لن يعالج هذا الخلل إلا إنشاء جامعات ومراكز بحثية جديدة.
ويقول المؤلف إن الثورات العربية الراهنة لن تنجح إلا بإعادة اللغة العربية، لتكون مشاركة في صنع الحضارة مرة أخرى؛ بمعنى أن يعاد الاعتبار للغة العربية على أساس أن هذه اللغة هي وسيلة التخاطب والتعلم للعرب، مشيراً إلى أن هذه اللغة قادت الحضارة العربية والإسلامية طوال قرون سادت فيها هذه الحضارة على العالم، معتبراً أن الثورة الكبرى التي يقصدها هي الثورة المعرفية، التي تعيد اللغة والمعرفة العربية مرة أخرى إلى مسار التاريخ والمعرفة الإنسانية.
وفي الفصل الخاص بالخط العربي يعرض المؤلف لفكرته التي تقوم على أساس أن الشكل الحالي، لرسم الخط العربي يجعل المطالعة في الكتب العربية الحديثة غير سلسة بالنسبة للشاب العربي، ويعرض المؤلف موجزاً لتاريخ تطور الرسم العربي، قبل أن ينتقل لأطروحته حول ضرورة تطوير شكل الخط العربي بالاستفادة من الخطاطين، ومصممي «الفوتنات» وخبراء قواعد بيانات النصوص العربية.
أما فيما يتعلق بما يدعو إليه المؤلف من ترقية آلية التفكير العربي، فيطالب بضرورة الإقلاع عن إصدار الأحكام القطعية على الجماعات، وعلى الأفراد بقوة المطلق والمقدس، وألا تصدر هذه الأحكام إلا بناء على تفكير علمي ومنطقي، وعدم التمادي في استخدام آلية النقد العدمي غير البناء، الذي يبحث عن مواطن الخطأ لدى الآخرين، دون التفكير بشكل إيجابي وعقلاني.