وديع سعادة: أريد أن أسمع السكون ماذا يقول

حقول في الرأس

لديه تبغ وخمر لهذه الليلة

فيا للسلام في قلبه!

صبَّ كأساً ولفَّ سيجارة وراح

إلى الحقول

يزرع تبغاً ويقطّر عنباً

ويوزّع لضيوف

يدقّون على بابه. 

لديه تبغ وخمر ولا يحتاج إلى أكثر

كي يشعر بسلام

ويخترع حقولاً

ويُحضر ضيوفاً. 

مرةً قال

مرةً قال: ليس للمساء إخوة

ومشى كثيراً

في الشوارع، في الدروب المقفرة، في الغابات

كي يجلب أخاً للمساء.

قال المساءُ بلا أخ ومشى

محدِّقاً في المارَّة

محدِّقاً في الشجر

محدِّقاً في التراب

محدِّقاً في المساء الذي

نام وحيداً. 

بالكاد تتسع لعين شخص ولهاثه

الهواء من رئتيه

والماء من عينيه

ما حاجته إلى الخارج؟

من لهاثه يأتي الهواء ومن دمعه الماء

وإن أراد طعاماً

في حديقة باله خضار وثمار. 

أقفل الباب وقعد

مشيحاً بوجهه عن خيالات ناس

تعبر أمام بيته

عن خيالات عصافير

تدقُّ على نافذته

ماذا سيطعم العصافير وإلى أين سيدعو الناس؟

إن أراد عصفور قمحاً من أين يأتي به؟

وإن دخل ناس

أين يجلسون؟ 

غرفة صغيرة ومقفلة

بالكاد تتسع لعين شخص

ولهاثه. 

نصوص من مجموعة وديع سعادة الأخيرة «من أخذ النظرة التي تركتها وراء الباب»، والتي قام بنشرها عبر الإيميل احتجاجاً على سوء تعامل الناشرين مع الشعر، وكان فعل الشيء نفسه في مجموعته السابقة.