المناهضة «اليهودية» للصهيونية
تحت عنوان «المناهضة اليهودية للصهيونية» صدر حديثاً عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب للباحث ياكوف م. رابكن المؤرخ وأستاذ تاريخ العلوم في جامعة مونتريال.
كتابات رابكن عن تاريخ اليهود كمجموعة دينية وعن نشوء مفهوم الصهيونية، تثير جدالاً واسعاً في الدوائر الصهيونية الكندية والغربية عموماً، وكذلك في الكيان الصهيوني، بسبب معارضته المبنية على أبحاث تاريخية ولاهوتية للحركة الصهيونية والفكر الصهيوني وسياسات الدولة العبرية. وهو يعتنق وجهة نظر عبّر عنها في هذا الكتاب تقول:
"إن الصهيونية ودولة إسرائيل مشروعان يشكّلان تمزقاً في التاريخ اليهودي.. لأن الصهيونية حركة سياسية ترمي إلى تحويل الهوية اليهودية العابرة للقوميات إلى هوية سياسية قومية ".
وقد خصّ د. ياكوف رابكن الطبعة العربية لكتابه، بمقدمة يذكّر فيها الكاتب القرّاء العرب أنّ هناك خلطا كبيرا في أوساط إعلامية عربية معينة وبصورة روتينية بين الصهيونية (كحركة قومية وليدة الفكر السياسي الأوروبيّ) واليهودية (كدين)، مؤكداً أنّ العداء للسامية مستورد من أوروبا وهو غريب عن الثقافتين العربية والإسلامية.
ويبين الغرض الرئيس من كتابه هذا، فيقول:
«الطرح الأساسي في الكتاب يبقى هو أنّ المشروع السياسي الصهيوني يسير في الاتجاه المعاكس ويبتعد كثيراً، بل وينقطع عن الاستمرارية والبقاء اليهودي. لكن هذا ليس اكتشافاً كبيراً فأنا لم أكتب لأقول هذا. لكني ألّفت هذا الكتاب، لأنّ هناك التباسا حصل، على أنّ اليهودية والصهيونية شيء واحد. إذن أنا أحاول في كتابي أن أشرح لماذا يعارض بعض الحاخامات هذا المشروع الصهيوني».
ويتابع الكاتب موضحاً: «لابد من التذكير بأن التقليد الديني اليهوديّ يلزم اليهود بانتظار المسيح قبل الاستيطان في أرض إسرائيل، ويمنعهم من اللجوء إلى السلاح لاسترداد (أراضيهم). ولكن نجد أنّ الدولة الصهيونية تفعل عكس هذا... وهذا الأمر كان يمثل نقطة اختلاف قبل قيام دولة إسرائيل. وهذا ما شرحته في الفصل الرابع من الكتاب».
ويشير الكاتب لبعض التناقضات فيقول: «إذن فالتلمود يمنع منعاً كلياً عودة يهود المنفى ويحرّم عليهم استعمال القوة, ونحن هنا أمام هوّة كبيرة بين التقليد اليهودي والمشروع الصهيوني في إسرائيل.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ اللوبيات الموالية لإسرائيل تتكون من الأصوليين المسيحيين أكثر من اليهود، ومن الناحية العملية، فإنّ هذه اللوبيات تنجح في مساعدتها لإسرائيل لأنها - وهذا من وجهة نظري- تتكون من أشخاص جدّ محترفين ويعرفون كيف يقيمون علاقات في العديد من الملفات وعلى أكثر من صعيد ومع العديد من الفعاليات السياسية. لكن لا بد من التأكيد على أنّ اللوبيات الموالية لإسرائيل لا علاقة لها باليهود الأمريكيين. وأنا كنت قد كتبت مقالا أشرت فيه إلى أنّ اليهود الأمريكيين صوتوا ضد بوش بنفس النسبة التي صوّت بها ضده المسلمون في أمريكا أي بنسبة 75%... وهذا ما يجهله العديد من العرب والمسلمون. إذن فاللوبي القريب من إسرائيل شيء، واليهود الأمريكيون شيء آخر».