دردشة مع باسل داوود: لست أكثر من جسر صغير يصل بين الموسيقيين السوريين واللبنانيين
بعدما تخرج الشاب باسل داوود في كلية الآداب (قسم الفلسفة) ونال درجة الدبلوم، درس ثلاث سنوات في المعهد العالي للموسيقا، وبعدها تفرغ للتأليف الموسيقي، فغنت له نورا رحال أغنيتي «يقطعني عليك» و«روح عني بقى»، وفي عام 1997 بدأت رحلته المميزة مع الرحابنة، حيث رافق السيدة فيروز في عدة مهرجانات، وفي ألبومي «مش كاين هيك تكون» و«ولا كيف» كعازف على آلتي العود والجمبش (آلة وترية تركية). أما المفاجأة فكانت عندما برز كمغن في الحفلات التي أحياها زياد الرحباني بدمشق العام الماضي.
أسس فرقة «بالذي منو» عام 2001 بالاشتراك مع رشا رزق، ديمة أورشو ونعمى عمران.
وبعيداً عن الرسميات والتكلف «دردشنا» معه قليلاً:
كيف تجد التجارب الشبابية الموسيقية في سورية، وأين تجد نفسك منها؟
هناك خريطة جيوموسيقية في سورية لست موجوداً فيها لسبب ما، حيث أن لا أحد يراني على ما يبدو، ولذلك لست في موقع التقييم، فأين الثرى من الثريا... أتمنى فقط ألا أكون في قاع المحيط (يضحك).
ألهذا السبب لم يتم استدعاؤك للمشاركة في احتفالية «دمشق عاصمة للثقافة العربية»؟
- العتب على النظر... فكما قلت لك أنا لست على مستوى النظر، وأتحرك على الخريطة التي تعجبني.
ما رأيك ببعض التجارب الموسيقية الهامة التي تسعى لتطوير الموسيقى الشرقية (عصام رافع، شفيع بدر الدين، حسان طه)؟
- أحترم أصحاب هذه التجارب لأنهم يحاولون أن يقدموا موسيقى متميزة ومختلفة، وأعتقد بأن هذه التجارب ستنضج في الفترة القادمة وتقدم شيئاً حقيقياً.
وعلى كل حال أنا أؤمن بوجود غربال سيغربل كل هذه التجارب، ويفصل فيها الغث عن السمين، ويجب على كل من يحب التراث أن ينتج موسيقى بمستوى الموسيقى التراثية، فعندما نطور الأغنية لا يجب أن يكون همنا الوحيد هو أن نقول للمستمع: «شايفني شو مهم»!!
ما سبب حماسك للأغنية الشامية؟
ببساطة لأنه ليس مطلوباً مني أن أقدم أغنية برازيلية، أو أغنية لفرانك سيناترا يغنيها قزم بلغة عربية، وسورية تحتوي عناصر غنية تؤهلها لإنتاج أغنية سورية، أو شامية إن شئت، وأنا مازلت أبحث في هذا المجال كما يبحث الكثيرون غيري، ومن حين لآخر أقدم بعض ما توصلت إليه، وأحتكم للشارع الذي ولدّ هذه التجربة، أنا أعد نفسي مجرد موظف في دائرة نفوس أعطي اسماً لهذه الأغنية أو تلك، لكنني لست من أنجبها. اذهب إلى سوق الحميدية وسترى أبويها الحقيقيين.
لم يتم تسويق الأغنية السورية جيداً إلا من خلال بعض الأعمال الدرامية،كيف تجد ذلك؟
أجده مدخلاً مهماً لمن يريد أن يعرف المزيد، «والله يطعمنا موسيقا سورية، متل ما طعمنا دراما سورية».
أنت تعد جسراً للتواصل بين الموسيقيين السوريين والرحابنة، ماذا تخبرنا عن ذلك؟
(يضحك) لست أكثر من جسر صغير يصل حالياً بين الموسيقيين السوريين واللبنانيين، فعلاقة الرحابنة بالموسيقيين السوريين قديمة جداً، وقد ابتدأت قبل أن يطفئ أبي وأمي الضوء لينجباني.. كل ما في الأمر أنني نلت هذا الشرف حديثاً منذ لقائي مع زياد الرحباني في 1997 وحتى الآن.
ما سبب النجاح الكبير الذي تلقاه أعمال زياد برأيك الشخصي؟
لست ممن يطرح الأسئلة بشكل مباشر، ولكني مثلك كنت أبحث عن جواب لهذا السؤال قبل أن أتعرف إلى زياد بعشر سنوات، وتوصلت إلى بعض النتائج التي تخليت عنها بعدما تعرفت عليه، فزياد نفسه لا يعرف السر، ولكنني أختصره لك بكلمة واحدة: سر نجاح زياد هو الحب.
ماذا تعلمت منه؟
تعلمت من زياد «أنو (الله كبير)».
هل خدمه العامل الأيدلوجي برأيك؟
بالتأكيد، ولولا ذلك لكنت ستسألني الآن عن الياس الرحباني بدلاً من زياد.
إذا كنا في سورية نتلمس إرهاصات نهضة موسيقية، فما هو تبريرك لتراجع موسيقى عريقة وأصيلة كالموسيقى المصرية؟
أعتقد أن كامب ديفيد دمّر أشياء كثيرة في مصر ومنها الموسيقى، «ومنيح اللي مات عبد الحليم وفريد وأم كلثوم قبل ما يشوفو هالشوفة»، وبالتأكيد لا يمكن لمشروع سياسي ككامب ديفيد أن ينتج فكراً متقدماً أو موسيقى مهمة.
ماذا عن فرقة «بالذي منو»؟
«بالذي منو» هو تعبير شامي قديم، وأتمنى أن تعود المياه لنهر بردى لكي نستطيع تغذية (بالذي منو).
وككلمة أخيرة سأستعير عبارة قالها القاص الشعبي حكمت محسن عندما سُئل عن موعد تقاعده عن الكتابة، فأجاب: (وقت ما بيضل في ناس بالشارع).