بين قوسين: مأزق درامي حرج!
لأول مرة في تاريخها، وجدت دراما رمضان نفسها في مأزق حرج، ذلك أن الشارع الذي كانت تعتقد بأنها تنطق باسمه، بدا بعيداً بمسافة طويلة عمّا اقترحه كتّاب السيناريو في الغرف المغلقة. هناك حراك عربي لم تلحق به عربة الدراما، وإذا بنا أمام خيال قديم، لا يشبه اللحظة التي نعيش مخاضها اليوم، والحال أن المحطات الإخبارية تفوقت للمرة الأولى على محطات الدراما، نظراً لسخونة الحدث الذي تواكبه على الهواء مباشرة.
نحن إذاً، في مواجهة شخصيات أخرى، لم تقربها الدراما. شخصيات ظهرت من الصفوف الخلفية، لتعبّر عن نفسها، لأنها ببساطة، لم تجد دوراً لها في نصوص الدراميين، فسعت لكتابة أخرى، في خروج معلن على النص. صحيح أن هذه الشخصيات بملامح مبهمة، لكن نبرتها جديدة، إلى الدرجة التي تمكّنها من أن تقلب الطاولة على جماعة التخييل، وتخرجهم من «باب الحارة» إلى العراء. العيون الشاخصة إلى ما يحدث في الخريطة العربية من تحولات في وجهة النظر، أصابت الدراما العربية في مقتل، فقوة الوقائع اليومية المتوجة بمواجهات حقيقية، ستتفوق حتماً على مقترحات كاتب السيناريو، سواء كان المشهد ليلياً خارجياً، أم كان نهارياً داخلياً. المشاهد العربي اليوم غارق في تلقي وصناعة مشهدية مختلفة، لاشك بأن الدراما تحتاج إلى وقت طويل لتدارك ما فاتها من توثيق واستقطاب شخصيات كانت مهمشة في الأصل الدرامي، كي تحتل المكان اللائق بها. اكتب هذه الملاحظات، وأنا أتفرج على مشهد، كان ينتسب قبلاً، إلى نصوص الفانتازيا، وربما أفلام الخيال العلمي. المشهد المقصود هو وقائع محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وحاشيته. رئيس على نقّالة داخل قفص قاعة المحكمة. رغم ذلك لم يكن مشهداً مبهجاً، بالنسبة لي على الأقل. أحسست بشفقة ما، على رجل ساقته أقداره إلى هذه النهاية التراجيدية الإغريقية بامتياز، بصرف النظر عن أهمية وضرورة انتصار العدالة، في نهاية الأمر.
لنقل بأن ما نشاهده دراما من نوع آخر، يصعب إعادة إنتاجها، أو التفوق عليها تخييلياً، مهما كان كاتب السيناريو بارعاً ومهنياً!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.