ربمــا..! محمد البخاري ابن سيدي المختار

وحيداً مات محمّد البخاري..

وحيداً مات في بلادٍ لن تموت وحيدةً..

مات البخاري وحيداً، والوحيدون دوماً هم أيتام الله..

مات في بيته ولم يدر به أحد حتى اليوم التالي، فالموريتاني الذي يعيش حياته مليئاً بالآخرين قضى احتضاره بلا لمسة من صديق، وكذلك في جنازته التي لم يسمع خبرها أحد، ولم يقم له مجلس عزاء..

روّاد «نادي الصحفيين»، وقبله «الرِّواق»، يُجمعون أنّ الرجل علامةٌ دمشقية بامتياز، فـ«بخاري» الذي أعطى عمره لدمشق، هي الأخرى أعطته الكثير من الحب والحنان والأمومة، وفي لحظة القبح التي يدمغها سعار القتل آلت أن تجعله قرباناً، أو أنه آلى أن يفتديها بما تبقى في جسده، فأيامه الأخيرة قضاها خائفاً على البلاد التي أحبّ.

عندما ندخل «نادي الصحفيين» ونرى شمعةً فوق طاولةٍ خاوية نعرف أنّ أحد روّاد المكان فارق المكان والدنيا، ونعرف أن هذه الشمعة هي استذكار من البخاري الذي لم يتخل يوماً عن هذه العادة، لكننا كنا نتساءل: ألاّ يجب أن يغلق المحلّ حين يموت البخاري لتمتلئ الطاولات شموعاً بدل الرواد؟

البخاري، كان وجهاً ثقافياً شامياً عرفه كل المثقفين العرب الوافدين إلى سورية، والسوريين، رغم أن قلة عرفت شيئاً من نتاجه وإبداعه، ما خلا كتابه المترجم، فاهتمامه بالثقافة كان منصباً على تنظيم التظاهرات الثقافية المختلفة من ندوات ولقاءات، وهو ما يعكس انهماكه بالمناخ الثقافي أكثر من انشغاله بمشروع إبداعي شخصي، ولعل هذا  قد تحول إلى مشروع شخصي حقيقي..

ها هو «بخاري»  قد مضى مخذولاً إلى عزلته الأبدية.. ونحن ما نزال عالقين في برازخ طويلة.. 

■ رائد وحش 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.