من التراث الثورة في الإسلام.. لماذا انتهت؟؟ ج2

ظهور النبي (ص):

وفعلاً ظهر النبي محمد (ص)، فكانت صرخاته ضد الظلم والقسوة تعبيراً حقيقياً عمّا في قلوب أولئك العبيد في مكة، فتدافعوا لدعوة محمد (ص) يقدّمون حياتهم ثمناً لها.

هذا الدين الجديد المعبّر عن مصالحهم في الآخرة (الجنة) وفي الدنيا (تحريرهم وتمليكهم كنوز وخيرات المناطق المفتوحة)، يقول النبي محمد (ص) موجهاً خطابه لهم: «اتبعوني أجعلكم أنساباً... والذي نفسي بيده لتملكن كنوز قيصر وكسرى». وقد تمثّل ذلك في عتقه لزيد بن حارثة ومنحه نسبه وقد كان يعني هذا، أملاً كبيراً لدى العبيد بالحصول على النسب وما لذلك من أهمية في حياة العرب.

بدأ الإسلام بثورته تلك يشكل الخطر الحقيقي ضد السيادة القرشية. فهو يؤلّب العبيد ضد أسيادهم من جهة، ويدعو «لإله واحد» مما يعني هدم الأصنام والكعبات وبالتالي ضرب التجارة، لأن قريش وبسبب هذه الكعبات والأسواق كانت تبيع الماء والطعام وغيرها للزوار، ومن هنا كانت خطورة الإسلام. ولم يكن الخلاف الديني يعني شيئاً لقريش بسبب تعايش الجميع في مكة (يهود ونصارى وعبدة نار وأوثان...).

وأيضاً دعوات الإسلام في البداية باحترام الاختلاف «لكم دينكم ولي دين» (الكافرون 16).

«أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» (يونس 69).

«وما جعلناك عليهم حفيظاً وما أنت عليهم بوكيل».

وسبب آخر هو سيادة بني هاشم على قريش وهو ما يرفضه بشدة بنو عبد الدار ـ وعبد شمس.

إذاً كان الخطر الاقتصادي هو ما تخشاه قريش وبدأت بحربها ضد محمد (ص) وأصحابه من الفقراء، مما اضطره للبحث عن مخرج لأزمته فكانت الهجرة إلى يثرب، تلك المدينة التي كان لها مصلحة حقيقية بضرب مصالح قريش لتكون بديلاًِ هاماً عنها. وقريش أيضاً كان لها يد في تنشيط الخلاف والقتال بين الأوس والخزرج، كي تبقى يثرب تعيش الصراعات الداخلية.

مضت السنوات على الإسلام في مكة وهو بحالة لا يحسد عليها، يعيش ظروفاً صعبة، أتباعه من (العبيد والفقراء) الذين لا يملكون حولاًَ ولا قوة سوى صمودهم وصبرهم. ومع انتقال الثورة إلى يثرب انتقلت معها أحلام المسلمين وآمالهم في بناء دولتهم ومجتمعهم «مجتمع العدل» وبدؤوا يشكلون خطراً حقيقياً في وجه تجارة قريش بقطع الطريق عليها، وازدياد أعدادهم مما دفع قريش وبعد عدة غزوات أفجعت قريش لعقد الاتفاقات مع النبي محمد (ص) والاعتراف به كقوة حقيقية.

يتبع...

■ هشام الباكير

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 13:17