يوم الشعر العالمي في احتفاليّة العاصمة الثقافيّة الشعر يبحث عن مستمعين
مرت فعاليات يوم الشعر العالمي التي أقامتها احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية دون أن يشعر بها أحد، فلم نسمع من أي من المثقفين والصحافيين والمهتمين بالشعر أنه حضر شيئاً من هذه الفعاليات، باستثناء الأمسية اليتيمة التي أقيمت في «تياترو» للشاعر شوقي بغدادي والشاعرة هالا محمد، والتي حضرها جمهور من الأصدقاء والمعارضة المخملية والفنانين الذين أتوا بمعية اسم المخرج هيثم حقي زوج الشاعرة هالا، عدا عن بعض الصحافيين الذين فاجأهم هذا الجمع العجيب بين تجربتين شعريتين لا يجمعهما شيء لا في السن ولا في الجنس ولا في الأساليب والمرجعيات، وهي الأمسية التي كان مقرراً أن تخصص للشاعرين عادل محمود ومنذر مصري اللذين اعتذرا كما تردد. ومادمنا ذكرنا المعارضة المخملية، فهو نمط يجمع بين العلاقة الشخصية الطيبة مع السلطة وممثليها، وجاذبية شاعرية المعارضة دون أكلاف، وبين البحبوحة والحياة المريحة والممتعة، وبالتالي لم يكن مفاجئاً أن تدلي الشاعرة هالا محمد من على المنبر بتلميح عن الحرية وفي إطار نشاط تنظمه جهة رسمية.
الفعاليات الأخرى التي تمثلت بقراءات شعرية في أماكن متنوعة (مطاعم، مقاهٍ، نوادٍ، مؤسسات عامة، حدائق) قام بها ممثلون مغمورون، مرت بشكل عابر، ولم تستطع اجتذاب جمهور، عدا الناس الموجودين في المكان بطبيعة الحال، وأحياناً هم لا أحد، كما حدث حين اقتحم الفريق الشعري مقهى «داون تاون» (الذي لم يحسم اسمه العربي حتى الآن، ونقترح تسمية «وسط البلد») فوجدوا زبونة واحدة غادرت مع حضورهم. أما في مقهى الروضة وهي أكثر مكان يتجمع فيه المثقفون والصحافيون، فقد قوبل فريق الاحتفالية بمفاجأة انقطاع الكهرباء، حيث كانت أجزاء كبيرة من المقهى في الظلام، ويبدو أن إدراة المقهى لم تكن على استعداد للتضحية بالكهرباء القليلة الناتجة عن المولدات لصالح مكبرات الصوت الضخمة، فحمل جماعة الاحتفالية عدتهم ورحلوا.
في كلية الآداب التي ينزل إليها طلابها ظهراً، لم يعرف أحد من المهتمين بقراءات شعرية كانت تتم، ولم تستطع القراءة المقررة مع الظهيرة في كلية الطب القريبة من جذب هواة الشعر إذ لم يتزحزحوا من كراسيهم في مقصف مركز اللغات.
أمسية للشاعر نزيه أبوعفش جاءت في إطار احتفالية يوم المسرح العالمي، والذي نظمته وزارة الثقافة دون تنسيق مع الاحتفالية، واستقطبت جمهوراً لم يكن كبيراً لكنه فاق المتوقع، خصوصاً أن الأمسية تزامنت مع اختتام القمة العربية، الجمهور الذي بدا قادماً من عصر آخر، قدم الفرصة للاطمئنان على صحة بعض الشخصيات التي لم نعد نراها، لكن مع بدء الأمسية ومضي وقت قليل بدأ الناس يتسربون، للوقوف في مدخل المسرح للتدخين وشرب القهوة، أو للمغادرة.
ومما يؤكد الكثير مما نذهب إليه أنه لم تنشر تغطية واحدة في الصحف السورية والعربية حول هذه النشاطات، التي كان الإعلان عنها متواضعاً هو الآخر، لذلك مرت هذه القراءات السرية الشبيهة بصلوات غامضة لطائفة مغلقة، كنوع من رفع العتب، الذي لم يعنِ إلا صانعيها.