لقمان ديركي لقمان ديركي

صفر بالسلوك كردو آغا

لا يمكن أن يستغني عن الآغا في داخله مهما كانت الظروف، فكردو آغا بالفطرة ومنذ الولادة، فمهما كان وضعه سيفاجئك بأنه كان آغا في يوم من الأيام، وأن الظروف فعلت به فعلها، وفي غالب الأحيان يقنعك بصحة نظريته، لأنه كردو، وكردو مرَّ بظروف صعبة جداً، وبالتأكيد فإن الكثير من الآغوات الكردويات قد تحولوا بفعل الظروف القاهرة إلى مجرد فلاحين، ولكن ليس بالضرورة أيضاً أن يكون الجميع صادقين، لأن كردو في حقيقته يحتاج إلى أن يكون آغا ولو للحظة في النهار، فتراه يخدم في مطعم وهو يتأفف من غلاظة الزبائن وتعاملهم وكأنهم آغوات معه، ثم يمضي بعد الدوام إلى مطعم آخر ويتحول إلى آغا على الكرسون الآخر كزبون يرفه عن نفسه، وكردو آخر يعاني من آغوية رب العمل عليه وهو يشغِّله في أتفه الشغلات، ثم يعود إلى المنزل ويستلقي بلا حراك بينما زوجته تركض يميناً وشمالاً ملاحقة طلباته الأتفه من طلبات الآغا رب العمل، فكردو آغا هنا مسلح بفردتي شحاطة بجانبه، وفي متناول يده كي يرمي بها الأولاد المشاغبين أو الزوجة المتقاعسة، كما أنه يطلب من الضحية المضروب بالشحاطة أن يأتيه بالشحاطة ويركع بين يديه ويتلقى صفعتين على الماشي ثم يعود إلى القطيع البشري المتناثر صامتاً ومعترفاً بالآغا الذي في البيت.

وترى كردو مفلساً ويتدين على الموسم وهو يسرف بالإستدانة، فإذا قطع عنه البقال واللحام والمطعم والمتجر حبل الدين، فإنه يلجأ إلى الدين بالفائدة أو على مبدأ الطونات المعروف دولياً في الجزيرة فقط، وتراه يذهب بأموال الفايظ إلى العاصمة أو إلى حلب أو إلى القامشلي ويبدأ بصرف الأموال على سهره ورقصه ومطاعمه وملاهيه وصاحباته وأصحابه من رفاق السوء كما يقول سيادة اللواء علاء الدين الأيوبي، ثم تأتي إرادة الله وتتدخل ضد كردو فيأتي الموسم عجفاً وضئيلاً مما يضطره للهرب إلى العاصمة والاختباء عند أحد الأقرباء في زور آفا لسنة، بل ولسنوات، ويبقى كردو آغا طيلة هذه السنوات ينتظر الموسم تلو الموسم كي تعطيه السماء الهدايا والأرزاق مدمراً أصحاب المنزل الذين استضافوه، لأنهم إذا لم يستضيفوه سيشل عرضهم بين أبناء العشيرة، فكم كردو آغا تعرفون يجلس في انتظار بركة السماء؟ كم كردو آغا تعرفون يعيش كآغا ويتصرف كآغا ويتعامل معكم كآغا وهو لا يملك سوى ما تراكم عليه من ديون رافضاً ولو للحظة أن يكون فيها شخصاً عادياً عاملاً ومنتجاً  للأفكار الجديدة والخلاقة؟ كم كردو آغا مر في حياتكم وأنتم تعملون وتصبرون وتحبون الحياة والجيران والأهل والخلان، بينما هو قرفان، ومن واقعه هربان، وحاطط كل اللوم على الأهل والطونات والجيران؟؟