فواز العاسمي فواز العاسمي

«الجنوبي»

أعتذر من عبلة الرويني لاستعارتي عنوان كتابها، والمغفرة كل المغفرة للجنوبي أمل دنقل.. ما الذي دفع تلك الصحفية المرموقة إلى إطلاق اسم «الجنوبي» على كتاب تروي فيه سيرة زوجها الشاعر أمل دنقل؟  

دع عنك السياسة وانظر معي إلى الجغرافيا، حيث الجنوب إما فقر أو حرب أو نفط أو زيادة سكانية. وغالباً ما يجتمع كل ما ذكرت، لكن قلة انتبهوا إلى ولع الجنوب بالشعر، فحيث الفقر ثمة الشعر .. لماذا الجنوب، أسأل نفسي وأنا جنوبي بحسب علم الجغرافيا. ما من ظاهرة مطلقة لكن أن تقارِبَ النسبيةُ المطلقَ بمعيار يخصني. يخطر لي أن أتساءل: ما الذي يقدمه الجنوب للشمال؟؟ العمالة، حتما، (لا أقصد الخيانة).. خيرات الأرض جميعها: البترول، الغاز، العقول، المحاصيل، الشعراء، الأسواق للاستهلاك، ومقاومة بهت اسمها لتصبح ممانعة.. ماذا يقدم الشمال؟ خيانات، مفردها عمالة، نكثاً للعهود، انتهاكاتٍ للمحرمات، استغلالاً، أسلحة للتكديس المزمن، وأحياناً لدعم الجنوبيين ضد إخوتهم في شمال بلدانهم، أو العكس.. مع ذلك أتظاهرُ بحبي للشمال لأنه موطن الفلاسفة: ديكارت و اسبينوزا وهيغل ..
وأحبُّ الجنوب، لأنه موطن الشعر، موطن السيّاب وأمل دنقل وشعراء الجنوب أينما كانوا( وليتذكر الشعراء أنهم، بالفطرة، جنوبيون دائما). أما عن الشرق والجنوب فهما أخوان بالرضاعة، وعن صلتهما بالشمال والغرب فهم ألدُّ الأعداء... قالها كيبلنغ ولم يقلها: الشمال شمال والجنوب جنوب لن يلتقيا.. إلا بمشيئة الله.