عبسي سميسم عبسي سميسم

مطبّات المعالجة الحكومية للمياه المعالجة

كعادتها في معالجة معظم قضايانا, وقضاياها, قررت الحكومة منذ أكثر من 12عاماً أن تعالج مشكلة الصرف الصحي في البلد, وروجت لهذا القرار على أنه ثورة في مجال الصرف الصحي, ولم يقتصر قرارها على معالجة المشكلة فحسب, بل قررت استثمار مياه الصرف الصحي المعالَجة وبيعها للفلاحين كمياه صالحة للري ولا تحتاج إلى أسمدة, فباشرت خطتها الاستثمارية من مدينة دمشق، إذ تم إحداث شركة خاصة بالصرف الصحي عام 1995، وتم بناء محطة معالجة لمياه صرف دمشق في مدينة عدرا, باشرت عملها فعلياً عام 1998، وقد قامت دراسة الجدوى الاقتصادية التي تم بموجبها إقرار هذا المشروع على الموارد المالية التي ستحققها من خلال بيع المياه المعالجة لاسترداد كلفة المشروع.

فبدأت الحكومة منذ ذلك الحين بإصدار القرارات المعطوفة على كتب متكئة على توصيات بتشكيل لجان لم تنته من عملها حتى وقتنا الحاضر, طبعاً بالإضافة إلى عشرات المراسلات.. فقد صدر عن رئيس مجلس الوزراء قرار رقمه5/م بتاريخ 21/11/1999 عن كل هكتار تستوفى سنوياً من المزارعين الذين يروون أراضيهم بمياه صرف معالجة، وذلك استناداً إلى كتاب وزيري المالية والري رقم 13082/1ـ4 لعام1999 المعطوف على كتاب رئيس مجلس الوزراء رقم1598/1 تاريخ26/5/1999 المتضمن طلب وضع مشروع قرار فرض رسوم إرواء هكتار الواحد سنوياً, والتي تتولى وزارة الري تحصيلها لتغطية نفقات مشروع الصرف الصحي.
وجرت عشرات المراسلات بين شركة الصرف الصحي وكل من وزارة الإسكان, ووزارة المالية ووزارة الري, ومديرية حوض بردى والأعوج, واتحاد فلاحي ريف دمشق, والجمعيات الفلاحية في ريف دمشق بهدف تحصيل هذا الرسم ولكن دون فائدة, إلى أن تدخل نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات في القصة وأصدر الكتاب رقم2433/1/31 (6) بتاريخ 20/8/2002 الذي يتضمن توجيه رئيس مجلس الوزراء بالطلب من وزير المالية لدراسة موضوع الاستعاضة عن رسم الري برسم أسموه (رسم صيانة وتشغيل) على أن يزيد عن 600 ل.س للهكتار الواحد وتعديل النصوص التي يتوجب فرضها بالصيغة النافذة آنذاك (وتاريخ صدور القرار), وبناء عليه فقد شكلت وزارة المالية لجنة بموجب القرار رقم3595/و بتاريخ 24/2/2002 لدراسة موضوع الاستعاضة آنف الذكر, وحتى وقتنا الحاضر لم تنه هذه اللجنة أعمالها، ولم يتم تحصيل أي رسم عن المياه المعالجة.
طبعاً نحن (لاننكش) على إخواننا الفلاحين فهم الحلقة الأضعف في أية معادلة، ولكننا نتساءل فقط كيف ستستطيع الحكومة متابعة شؤون هذه المشاريع والاستثمارات الضخمة التي تروج لها, إذا كانت لم تستطع البت في تأمين المورد المالي الذي قامت عليه الجدوى الاقتصادية، خصوصاً وأن الأمور لم تعد (أهلية بمحلية)، فهي تستقدم (خبراء لهم باع طويل في مجال الاستثمار) وغير معتادين على الكتب المعطوفة على قرارات والمستندة إلى توصيات ولجان تبقى عقوداً من الزمن لتنهي أعمالها؟