«يوميات مدير عام»: دراما من أجل الإصلاح
يعيدنا العرض الجديد للمسلسل السوري الكوميدي «يوميات مدير عام» إلى نوع من الدراما الإصلاحية كانت قد أخذت شكل مكافحة الفساد الإداري والروتين والبيروقراطية في بدايتها، لكنها تطورت، في أعمال كوميدية لاحقة، حيث أصبح النقد أكثر جرأة، والمعالجات الدرامية والبصرية أشدّ حنكة كما في «بقعة ضوء» على سبيل المثال.
يرصد المسلسل (تأليف زياد الريس، إخراج هشام شربتجي، إنتاج 1993) المعركة التي يخوضها المدير العام أحمد عبد الحق (أيمن زيدان) ضد كل أشكال الفساد المستشرية في المؤسسة الحكومية التي يديرها بوصفها مجازاً لسواها من مؤسسات القطاع العام، وذلك من خلال تنكره وتقمصه لشخصيات أخرى: عامل مقهى، مراجع، آذن.. كي يتسنى له أن يضع حداً لأساطين الفساد والخراب الذين يعيثون خراباً بالمواطنين والمال العام. وفعلاً نرى، عبر الـ 25 حلقة التي يقوم عليها العمل، كيف يستطيع هذا الرجل أن يلعب دوراً كبيراً في قلب الأحوال داخل المؤسسة، وتحسين أوضاعها نحو أفضل ما يمكن أن يكون في ظل القانون والحقّ، وبعد رحلة ممتعة، مليئة بالمغامرات الساخرة والتشويق، تأتي النهاية لتشكّل نوعاً من العود على البدء، حين تعود الممارسات السلبية كافة إلى ما كانت عليه في السابق، بما يؤكد أغنية الشارة التي تقول «تيتي تيتي..»، وكأن هذا الفساد الذي تجذّر في النفوس بات عصياً على كل محاولة إصلاح ما لم تكن منهجية وشاملة تتضافر فيها الجهود كلها.
المشكلة التي يطرحها العمل لا تزال قائمة على أرض الواقع، كذلك لا تزال مطروحة في ما لحق من أعمال.. وهو ما يؤكد أننا لم نتغيّر، بل ما يزال الفساد والإفساد يعيقان محاولة النهوض وإحقاق العدالة بين أفراد الوطن الواحد.