خليل صويلح خليل صويلح

بين قوسين: في مصير الكوكب

باتت مفردات مثل تدمير البيئة والتصحّر والجفاف والانحباس الحراري جزءاً حيوياً في نداءات بعض المنظمات العالمية، لكن أحداً لا يلتفت بجديّة إلى مثل هذه الدعوات لإنقاذ الكوكب، ذلك أن الشركات العابرة للحدود حوّلت الكرة الأرضية بأكملها إلى وقود للسلع العولمية، ومن المؤسف أن دول الجنوب على وجه العموم، تحوّلت إلى مكب نفايات. لست خبيراً في هذا المجال بالطبع، كي ألجأ إلى الأرقام والإحصائيات في مجال التدمير المنهجي لأمّنا الأرض، غيّر أن التحولات المناخية التي نشهدها تؤكد مثل هذه المخاوف.

في الواقع، وبقليل من الانتباه فإن التصحر لم يعد مفردة جغرافية، بل روحانية أيضاً، فهناك بالتأكيد تصحّر روحي وجفاف أخلاقي، وبيئة حياتية ملوّثة، تتحكم بسلوكياتنا، ولم يعد خبر موت أحدهم يهز كياننا، مهما كان هذا الشخص قريباً منّا. هكذا نكتفي بأسى خفيف ثم نكمل حديثنا بشأنٍ آخر. التصحر الروحي جعل الخشونة تصرفاً طبيعياً بين الأفراد، فسوء تفاهم بسيط، أواختلاف في وجهات النظر بين شخصين سينتهي إلى عراك في الغالب، وإذا بالشفافية تندحر إلى مكانٍ مهمل باعتبارها هشاشة شخصية. كتب هيرمان هيسه «سد هارتا» لإعلاء شأن ما هو روحي، فمنحنا شحنة تشبه زوّادة الطريق، وقادنا نيكوس كازانتزاكي في «تقرير إلى غريكو» إلى دروبٍ مجهولة لاكتشاف ذواتنا وملامسة زغب الحياة الأخرى، كما حلّق مولانا جلال الدين الرومي عالياً في السمو الروحي، ودعانا محيي الدين بن عربي  إلى تأنيث العالم كي ننتصر على القسوة «كل ما لا يؤنث لا يعوّل عليه». اليوم حين ينظر كوكب الأرض إلى نفسه في المرآة، سُيصدم بملامحه المشوهة وأخاديد الخراب في تضاريس وجهه، وحجم الخراب والتصحر في حياة البشر. على صعيد محلي تعيش دمشق أعلى نسبة تلوث، فيما انتحر نهر بردى تماماً، ولم يبق منه غير الأغاني التي تمجّد ذكراه، أما نهر الخابور الحزين فقد جفّ تماماً وتم نعيه رسمياً ودُفن في مقبرة مجهولة غير مأسوفٍ على شبابه.
أخشى أن يتحوّل كوكب الأرض قريباً إلى مدخنة ضخمة لمعامل ومصانع تطحن عظام البشر على شكل معلّبات أنيقة غير صالحة للاستهلاك البشري! ‏