قراءة في مؤتمره الصحفيّ حسن نصر الله إعلاميّاً من النّخب الأوّل
ما من شخص شاهد المؤتمر إلا ونهض، بعد ساعتين ونصف، مليئاً، لا أملاً وتفاؤلاً بالانتصار وحسب، بل بالحضور الاستثنائيّ لهذا الرجل الساحر، وبأسلوبه المشوّق للغاية!! فنصر الله قدّم عرضاً إعلاميّاً يجمع بين مزايا التحقيق الصحفيّ والتحرّي الجنائيّ والتحليل السياسيّ، بدقة وحذق نادرين يؤكدان ضلوع الموساد الإسرائيلي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، من غير أن يقوم بأكثر من تقديم قرائن.
اللافت أكثر من المادة هو طريقة عرضها، وتقنيتها المبتكرة التي لا نجدها في المؤتمرات الصحفية المعتادة، وربما لو أن هذه المادة نفسها، بكلّ مصداقيتها وسخونتها، قد عُرضت بغير طريقة، وبغير أسلوب، كانت ستخسر الكثير من أهميتها، وهذا ما لم يفت السيد حسن حيث راح يمارس دور الإعلامي المحترف في منهجة مادته ألفاً.. باءً.. ياءً، وتبويبها ضمن عناوين ومحاور تتصاعد كما تتصاعد وتيرة حبكات الروايات البوليسيّة؛ لهذا كنّا في أقصى درجات الإثارة والتشويق، والمتعة (لم لا نقولها وقد كنا أمام حكاية استحواذية وحكّاء من طراز رفيع؟؟)..
هذا بالضبط والتحديد ما جعل الفكرة تأخذ الحجم الذي تستحقه من العناية لدى الجميع. ومن جانب آخر سيكون للفكرة، بسبب تكنيك تقديمها، دور حاسم في التأثير في الرأي العام، اللبنانيّ والعربيّ، خصوصاً وأن السر الجديد والمثير هو تجسس المقاومة على التجسس الإسرائيلي. أما إدراك حزب الله وقيادته لهذا الأمر، في شكله كما في مضمونه، فيأتي ضمن سياق عمله المُمأسس عسكرياً واستخبارتياً وإعلامياً.. ما يقود إلى تشكيل حصانة أكبر وأمتن للحزب والمقاومة عبر القاعدة الشعبية التي تعاد صياغة روحها العامة. هكذا سيكون لشخصية السيد حسن الفخمة الحضور، الواثقة، المرحة.. الدور الأبرز في استثمار كل الإمكانيات في الاستنهاض العربيّ من أجل الحق وإحقاقه، داخلياً في المعادلة السياسية اللبنانية، وخارجياً في الصراع مع العدو الصهيوني.
المؤتمر الذي أداره نصر الله، باقتدار واحتراف، متنقلاً بين الجدّ والمزاح بحنكة من يعرف كيف يبقي المشاهد مشدوداً إلى الرسالة الموجّهة، يضع الصهاينة في مأزق حقيقيّ أمام الرأي العام، العربي على وجه الخصوص، حين يعريهم بذكاء ويسخر منهم، وكأنه يقول: على من تلعبون..؟؟