جهاد أسعد محمد جهاد أسعد محمد

62 عاماً... والمقاومة مستمرة نكبة لليائسين والمتخاذلين.. وتحدّ عظيم لسواهم!

دائماً، ومنذ البداية، كانت نكبة فلسطين ببعض أبنائها والمحسوبين عليها أشد مضاضة وإيذاء وإيلاماً من كل جرائم ومؤامرات الصهاينة وداعميهم وتابعيهم.. نكبتها بالخانعين والبكّائين الندّابين من جهة، ومعظم هؤلاء من «الشبعانين» ومن مدعي الثقافة والمعرفة، ونكبتها بالمتخاذلين والمساومين والمطبّعين من جهة أخرى، وكلهم من الحكام والتجار و«القادة (الثوريين)»!.. فهؤلاء الذين غلب على قسمهم الأول اليأس، وعلى قسمهم الثاني الخزي والعمالة والانتهازية، لم يقدموا لمن يدّعون حمل اسمها وقضيتها شيئاً مما قد يساهم في إنهاء مأساة شعب حيّ ما فتئ يقاوم ويتحدى، ويقدم خيرة أبنائه وبناته قرابين يومية، ويصر أن فلسطين أرضه وعرضه ومستقبله.

اثنان وستون حولاً من الشتات والحصار والقتل، ومن المقاومة الشعبية المنقطعة النظير، ومازالت نكبة فلسطين الحقيقية تكمن في غياب مشروع تحرير حقيقي، وخطاب تحرير حقيقي، وثقافة تحرير حقيقية، وقادة تحرير حقيقيين..

ما تزال النكبة، نكبةَ الشعب الفلسطيني الصامد المعطاء الشجاع بالناطقين باسمه، والمتاجرين باسمه، والمطبّعين باسمه، والمفرّطين بالحقوق باسمه، واللاهثين وراء المكاسب والمناصب باسمه، ورافعي شعارات السلام باسمه..

اليوم، وبعد مرور ستة عقود ونيف على النكبة، الشعب البسيط الفقير المحروم من أبسط احتياجاته تحت الحصار، والفاقد لأبسط حقوقه في الشتات، هو الوحيد الذي يمكن أن يُراهن عليه في معركة التحرير لأنه كان على الدوام وقود العمل المقاوم.. ولأنه بمثقفيه الثوريين ثاقبي البصيرة، وقادته الميدانيين، مازال يؤمن أن لا وسيلة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق إلا بالمقاومة، وبعدم التنازل عن شبر من الأرض أو جزء من الثوابت، وبعدم الغرق بالقنوط والتسليم بالكارثة.. ويفعل كل ما يستطيع لترسيخ هذه القاعدة..

أسوأ ما قد يشعر به المرء وهو يتابع صمود فلسطينيي الداخل رغم التجويع والترويع والخيانات، هو إحساسه بالعجز عن تقديم عون حاسم لهم في محنتهم المستمرة بينما الحكام يساومون، وأكثر ما يبعث على الألم مما قد تشاهده العين في مخيمات الشتات، أجزاء صغيرة من صور باهتة الألوان منسية على الجدران لشهداء قضوا في الثمانينيات من القرن الماضي، تنتظر من يحييها.. رجل ترك العمل الفدائي على جسده علامات فارقة وندبات واضحة، يبيع الدخان المهرب أو يدفع عربة خضار أو يسوق سيارة أجرة، ريثما تسنح له فرصة جديدة لحمل السلاح ضد العدو.. شباب يافعون يتعاطون المخدرات في الطرقات أو يغرقون في الترهات، يشكلون المثال الأنصع للتهميش الذي يستبد بالشعب الفلسطيني.. فمتى وكيف ينكسر الطوق عن هؤلاء، ويتاح لكل المعنيين الحقيقيين بالقضية الفلسطينية شرف مواجهة العدو وهزيمته نهائياًُ ؟؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.