The actor.. محاكاة هزيلة تسعى للاختلاف وخلق المواهب من أشباهها
تحاول الفضائيات الخاصة السورية المتمثلة حالياً بتلفزيون الدنيا فحسب، إيجاد وقع إعلامي مختلف، خاصة بعد جملة الانتقادات التي توجهت إلى كل الفضائيات الخاصة التي ظهرت منذ فترة في سورية، بأنها مشابهة لأداء التلفزيون الرسمي، وأنها رسمية بصورة غير مباشرة، بحيث تنتقي الفضائية الخاصة نموذجاً ما يحتذى في فضائيات لبنانية أو خليجية أو أجنبية، لتقوم بتقديم نسخة سورية معدلة عنه، على اعتبار أن الكوادر التي تحتويها هذه الفضائية ما زالت غير مؤهلة لخلق نموذج خاص، أو وضع رسالة ذاتية ذات خصوصية معينة، ومن هنا نجد أن أغلب برامج الإعلام التلفزيوني الخاص، مستقاة من برامج مشابهة، ولا يخرج برنامج "The actor" على فضائية الدنيا عن هذا السياق، ففي سعي الدنيا لتقديم برنامج جديد على المستوى السوري، ومخالف لما يقدم على شاشات الإعلام الرسمي، ومتميز بالحركية، جاء برنامج "The actor" في النسخة الأولى منه.
خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد من عدة شهور لإطلاق هذا البرنامج وجد بعض النقاد والفنانين أنه من الضروري وجود هكذا نموذج لتخريج فنانين، اعتماداً على موهبتهم دون المرور بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ووجد المتقدمون "المئات" في هذا البرنامج فرصة للنجومية وبالتالي التحصيل المادي الهائل، دون المرور بخمس سنوات من المعهد العالي، وفي جملة من التشجيعات انطلق البرنامج ليتقدم مجموعة من الشباب أمام لجنة تحكيم "سامر عمران ـ باسل الخياط ـ يارا صبري" ويتم اختيار عدد منهم لتدريبهم وتأهيلهم وصولاً إلى المراحل النهائية التي بدأت منذ أيام.
لا يمكننا تشبيه برنامج "The actor" ببرنامج مسابقات واحد فحسب، فيبدو أن المعدين اطلعوا على عدد من البرامج الفنية العالمية التي تؤهل الفنانين وتقوم على مبدأ المسابقة والتصويت ولجان التحكيم، ليصلوا إلى صيغة برنامج محدد، فبرنامجنا هنا يحاكي american idol من خلال طبيعة لجنة التحكيم في التصرف مع المتسابقين والتدخل في تفاصيل أدائهم مع العلم أن لجنة "The actor" اتخذت مبدأ المحاباة في النهائيات، ويبدو أن هنالك انتقادات وجهت إلى المعاملة القاسية التي عاملتها للشباب في بدء انطلاقة البرنامج، أما حفلات البرنامج التي يتم مع انتهائها تحديد الفائز فقد بدت محاكاة star academy وإنما بفروق مذهلة أولها يظهر في برودة حفلات "The actor" مقابل حيوية star academy، وثانيها أن البرنامج المحلي اعتمد على مسرح فارغ تماماً من الديكور، بطابع مركز ثقافي عربي، ومذيعة تحاول يائسة تحريك هذه المساحة الهامدة الميتة من المسرح دون جدوى، وجمهور قليل قائم على مجموعة من أصدقاء المترشحين يحملون مالا يجاوز عشر صور لهم، ولجنة تحكيم تأخذ ربع وقت البرنامج لتقدم رأيها بعروض "مشروع الممثلين"، لتجد نفسها مجبرة في النهاية على انتقاء واحد من كل خمسة، رغم إيمانها الكبير بأن الخمسة موهوبون هذه الموهبة التي حتى الآن لم تظهر بشكل واضح، وربما هنا لا يحق لنا المقارنة لأن أغلب البرامج القائمة على هذا النموذج عربياً لا تقدم مواهب مميزة، وهنا تبدو حدة التشابه بين "The actor" وسواه أي في عدم طرح موهبة حقيقية.
لم يحقق البرنامج اختلافاً عن سواه من التجارب المشتقة على اعتبار أن أغلب منتجنا الإعلامي هو صيغ مشابهة لبرامج تم ابتكارها في الخارج والإساءة لا تكمن في التقليد والمحاكاة وإنما في سوء هذين الجانبين فنحن لا نعد نسخاً مشابهة بقدر ما نعد نسخاً مشوهة وهنا تكمن هزالة الإمكانيات وانعدام الموهبة.