ربما ..! نهفات ثقافية.. جداً
«إلى أبي الذي كان سبباً، وبإرادة الله، في توريثي فن الرسم، ولم يقف عائقاً أمام موهبتي».. هذا الإهداء من رسام يتصدر الصفحة الأولى من كتابه الذي جمع فيه لوحاته. النهفة في هذا الإهداء ليست في الحديث عن توريث الفن بل في الإرادة الإلهية التي جعلت العائلة فنانين أباً عن جد. الأمثلة التي تشبه هذا الإهداء من الكثرة بحيث أن كل واحد قد يتذكر منها ما يجعله يقلب على ظهره ضحكاً.
ذات مرة ترجم أحدهم مجموعة «مختارة» من أشعار الفرنسي الشهير غيوم أبولينير، لكن الإشارة الواضحة على رداءة هذه الترجمة وصاحبها كانت منه تحديداً حيث رأى أن اسم الشاعر هو «غيوم أبو ليرة» كما كتبه على الغلاف.
نهفات الشعراء التي لا تنتهي تصلح أن تجمع في كتاب خاص على الطريقة التي كان يكتب بها الأدباء القدماء. ففي إحدى الأمسيات التي تشهدها مراكزنا الثقافية، كأمكنة خالية على الدوام، وقفت الشاعرة المفوهة وقرأت مطلع قصيدتها المجلجلة: «زوجوني بابن لادن»! (لا تعليق).. وفي أمسية أخرى كانت مناسبتها العيد الوطني الفنزويلي قرأ أحد الشعراء قصيدةً مدائحية في هوغو تشافيز، يحدثه فيها عن بؤسه وفقره. قلت لصديقي: هذا الرجل يريد الذهاب إلى فنزويلا... وفعلاً لم يكذب الشاعر ظنوني إذ قال فوراً: «يا سيد تشافيز... امنحني حق الفيزا»!
شاعر عربي كان مطارداً في بلده، كما كان يقول، لذا غير اسمه كي لا يتعرض للاغتيال، لكنه حين طبع مجموعته الشعرية الأولى باسمه المستعار قام بحماقة فريدة من نوعها، إذا وضع صورته على الغلاف الأخير.
ثمة نهفات أخرى لا تقل أهميةً كانت تقوم بها مطبعة وزارة الثقافة السورية، فعلى غلاف كتاب عنوانه «فضاء المتخيل» قام المصمم بوضع صورة سوبرمان، ربما ليعبر عن صعوبة فكرة الفضاء.
في محاضرة لمفكر عربي مرموق عن موضوع شائك وكبير كان بين الموجودين رجل أبله ما انفك يقاطعه بعبارات رنانة، لكن لا علاقة لها بالندوة، إلى درجة أنه أخرج من جيبه لعبة أطفال هي تلفون لاسلكي، وراح يجري اتصالات علنية مع أرسطو يخبره فيها أن الفلسفة قد تبهدلت.
تعالوا نضحك على هذه الأشياء كي لا نبقى متجهمين طوال الوقت، فثقافتنا أيضاً تثير الضحك.
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.