عرض العناصر حسب علامة : الفلسفة

رد اعتبار الفلسفة وسؤال التحوّل الحضاري مجدداً (2)

في المادة السابقة وتحت العنوان ذاته حاولنا مجدداً البحث حول كيفية الاستفادة من تاريخ الفلسفة لنقاش الأزمة الحضارية للرأسمالية في نسختها الراهنة، وفي محاولة اقتراحٍ منهجيٍّ يسمح بالمقارنة بين مستويات النشاط تاريخياً، عبر اعتبار المستويات الأعلى تجريداً كاختبارٍ تاريخيٍّ مبكّر لما يمكن أن يتطور في المستويات الأقل تجريداً. وكنا قد استعرضنا بعضاً من تاريخ المذاهب الفلسفية في تطوُّرِها التاريخيّ وحدودها. في هذه المادة سنستكمل المعنى التاريخي-السياسي لهذا الاستعراض.

رد اعتبار الفلسفة وسؤال التحوّل الحضاري مجدداً (1)

في مواد سابقة جرت الإشارة إلى الإطار الفلسفي الذي يحكم معادلة الأزمة-الانتقال الحضاري التي تعيشها البشرية حالياً، ولكن الموضوع لا زال يحتاج لمزيد من المعالجة، أولاً، لأنه مغرٍ من ناحية مستوى التجريد والوضوح الذي قد يمدنا به، ومن هنا ضرورته النظرية، فالوضوح هو الحقيقة على حد تعبير مهدي عامل، وثانياً، في كونه يقدم أفق احتمالات سير التناقضات وحلّها، ومن هنا ضرورته السياسية العملية.

في إفلاس الترسانة الفلسفية المثالية: إمّا العقلانية أو التدمير الشامل

من ملامح المرحلة الحالية، كما أشرنا سابقاً، انكشافُ الجوهر وتجانسُه مع الشكل، وهناك أيضاً اندماج مستويات البنية الاجتماعية. وهذا التحوّل يقوم تحتياً أوّلاً على اشتداد التناقضات الموضوعية ووصولها إلى «حدّها» التاريخي، وثانياً على التحام النشاط المادي للبشر في مستوييه الذهني/العقلي والجسدي/العملي. وهذا يؤسّس لتقارب البنية التحتية والفوقية، ويسمح بالخلاصة التالية وهي وصول الواقع إلى ظهوره بلغة «منطقه الفلسفي» ولغة «منطقه السياسي» بالضرورة. وهذا رعب العقل في دفعه العالم باتجاه اللاعقلانية والفلسفة الصلفة.

المادية الديالكتيكية ضدّ الاختزال الديكارتيّ

ألف العالِمان الراحلان ديك ليفونتين وريتشارد ليفنس كتاباً عام 1985 بعنوان «عالِم البيولوجيا الديالكتيكي». وبحسب مقال سابق في مجلة «الماركسية والعِلم» تم اعتبارهما من أواخر ممثلي تيار من البحّاثة الماركسيين الأمريكيين، بات أضعف اليوم داخل أمريكا. وبحسب المؤلِّفَين: «يعكس كتابنا الصراع بين الديالكتيك المادي الذي نلتزم به عن وعي، والأيديولوجيا الميكانيكية والاختزالية والوَضعيّة التي هيمنت على تعليمنا الأكاديميّ، وتجتاح محيطنا الفكريّ... ومن أجل تتبع البرنامج الفكري لهذا المؤلَّف نرى من الضروري محاولة النقاش الصريح لهذه الطريقة في التفكير». وفيما يلي مقتطفات (بتصرّف) من الفصل الختامي من الكتاب الذي تركّز فيه حديث المؤلِّفَين عن المنهج.

عن الاغتراب والتفكك وتدمير الإنسان والمشروع النقيض

كما صار واضحاً على مستوى الصراع الفكري والأيديولوجي عالمياً والمتصاعد مؤخراً والذي يأخذ بشكل خاص طابعاً فلسفياً، فإن النقاش يتمحور حول المشروع الحضاري النقيض ربطاً بأزمة النموذج الحضاري القائم ومصيره، كمدخل للمشروع النقيض بلا شك. وهنا نتناول جانباً أساسياً من أزمة النموذج القائم من باب تدمير قوى الإنتاج، والإنسان خاصة، على قاعدة الاغتراب وتجلياته الواقعية، ربطاً بأزمة العقل-الممارسة الطبية المهيمنة.

التوتر التّاريخي والدور القيادي للفلسفة والعقل الواحد

كان بدء تحلل السردية الليبرالية التي شكل «الحلم الفردي» عمودها الفقري نقطة العلام لأزمة الهيمنة الثقافية للنخبة الغربية. ولهذا التحلل معنى تاريخي بدأ يطلق منذ سنوات موجة من التوتر الثقافي-الروحي الظاهر، يلتقي مع التوتر السياسي-الأمني-الاقتصادي-العسكري-الاجتماعي. ونحن في صلب هذا التوتر، وما الكتابة إلا تعبيرٌ وكشفٌ عنه. وهنا نحاول إجمال آفاق هذا التوتّر والنضال الفكري الضروري عالي الوزن، وبشكل خاص حرب المفاهيم.

الديالكتيك في النظرية الماركسية-اللينينية (1)

بحسب ستالين «اللينينيّة هي ماركسية عصر الإمبريالية والثورة البروليتارية. وبدقة أكبر، إنها نظرية وتكتيك الثورة البروليتارية عموماً، وديكتاتورية البروليتاريا خصوصاً». في المقال التالي نلخّص (بتصرّف) أبرز ما جاء في بحث بعنوان «تأملات في ديالكتيك لينين» للباحث في قسم الفلسفة والقانون بأكاديمية العلوم الروسية بيوتر كوندراشوف، المنشور في دورية Monthly Review مطلع العام الجاري 2023.

في جدل مواجهة الصّنمية وتحرير مضمون المشروع الحضاري النقيض

في هذه المادة سنعيد الإشارة إلى بعض الأفكار حول تحوّل عملية الممارسة الهيمنية في لحظة الرشوة الكبرى، كضرورة في تعرية صنمية اليوم، وصياغة مضمون المشروع الحضاري النقيض. فتحرير مضمون هذا المشروع يمر بالضرورة في كسر تلك الصنمية، ولو أن هذه الصنمية اليوم تشهد أزمة وتعطّل في وظيفتها كآسر للحياة الروحية والإنسان، كشيء فوق الإنسان، مخضعة إياه، وفي خضوعه لها يجمِّد حركته وإبداعه، ويموت كإنسان مصدر الفعالية.

«المفهوم المادي للتاريخ»

في مؤلفه «سيرة مختصرة وعرض للماركسية” كتب لينين في العام 1914 وتحت عنوان «المفهوم المادي للتاريخ»:

«المادة البشرية الجديدة» بين لينين وتركة الليبرالية

في عملية الانتقال التي يشهدها العالم يشهد الصراع على الوعي أهمية أساسية أكثر من أي مرحلة سابقة، انطلاقاً من أن شكل الهيمنة في العقود الماضية فرض هذا الوزن النوعي للوعي. وهذا الإنتقال (البناء بالترافق مع الصراع) الذي يعني ضمنياً التحوّل في نمط الحياة، أو النمط الحضاري، يستند إلى العنصر البشري الذي هو تركة المرحلة السابقة من عقود الليبرالية ونمط الحياة والتفكير المهيمنَين. وهذا شديد الأهمية كونه يحسم التطور أو التقهقر في عملية الانتقال تلك.