نموذج من الشعر السياسي
المكان العراق- الزمان 1946- الحدث قصيدة لمحمد مهدي لجواهري - يسخر فيها من مفارقات المشهد السياسي العراقي في حينه، في مرحلة عاصفة من التاريخ الحديث لهذا البلد، القصيدة التي كتبت قبل سبعين عاماً، تبدو أيضا مرآة ليس للوضع العراقي المعاصر فحسب، بل للمشهد السياسي في العديد من دول المنطقة، تجمع القصيدة بين الموقف السياسي الصادم، والتقنيات الشعرية العالية، بلغة ساخرة.. تقول القصيدة في إحدى مقاطعها:
أي طرطرا ، تطرطري .. تقدمي ، تأخري
تشيعي ، تسنني .. تهودي ، تنصري
تكردي ، تعربي .. تهاتري بالعنصر
تعممي ، تبرنطي .. تعقلي ، تسدري
تزيدي ، تزبدي .. تعنزي ، تشمري
في زمن الذرّ إلى بداوة تقهقري
واذا كان المقطع السابق من القصيدة، يتعرض بشكل مباشر أو غير مباشر لبعض النخب السياسية العراقية، فنرى الشاعر في المقطع اللاحق، يوجه نقده اللاذع إلى البنى الاجتماعية والمدنية، ولا تنجو هي الأخرى من هذه الحرب الشعرية التي يعلنها الجواهري، على ما آل إليه الوضع في بلاده، حيث يقول:
أي طرطرا تطرطري .. وهللي ، وكَبِّري
وطبلي لكل من يخزي الفتى ، وزمري
وعطري قاذورة ، وبالمديح بخري
وألبسي الغبي والأحمق ، ثوب عبقر
وأفرغي على المخانيث دروع عنتر
وحسب العديد من المصادر، فإن «طرطرا أصبحت في فترة الأربعينات من القرن الماضي، لسان حال الكثير من العراقيين، تنطق باسمهم ، فحفظها الكثير منهم، ورددوها في مجالسهم، في دلالة على أن القصيدة المتكاملة، والتي تعبر عن الوجدان الشعبي الحقيقي، نفرض ذاتها في جميع الظروف والأوضاع.
و في مقطع آخر من رائيته الطريفة، يقول شاعر العرب الأكبر:
اي طرطرا سيري على نهجهُم والأثر ِ
تقلبي تقلب الدهر، بشتى الغير ِ
تصرفي كما تشائين ، ولا تعتذري
لمن ؟! أ َللناس !! وهم حثالة في سقر
أم للقوانين؟ ... وما جاءت بغير الهذر
أم للضمير، والضمير صنع هذا البشر
لمن؟ أ للتاريخ؟ وهو في يد المُحَبِّر
أم للمقاييس اقتضاهن اختلاف النظر؟
أن أخا طرطر من كل المقاييس ، بري.