ليس من جبلِ ثلجٍ في بغداد
أصدقاء من بغداد كانوا اتّصلوا بي ، يخبرونني أنهم اعتزموا المشاركة في تظاهرات اليوم، الحادي والثلاثين من آب اللهّاب .
كانوا في منتهى الحماسة ، حقّاً .
لكني خيّبْتُ ظنّهم ، إذ نصحتُهم بالحذر ، وتجنٌّبِ صدارة الموكب ، و الاكتفاء بملازمة الحائط ...
أنا حريصٌ على سلامة أصدقائي.
وحريصٌ أيضاً على أن أقول لهم شيئاً بعد أن يكون جرى ما جرى .
بغداد والمحافظات في حالة طواريء .
الجسور والشوارعُ ...
إلخ .
الأمر ليس هنا .
*
انتهى اليومُ .
نوري المالكي كان المتظاهرَ المقدام . قال إنه مع المطالب كلِّها.
*
أقولُ لأصدقائي إنهم كانوا ضحايا عمليّة نصْبٍ سياسيّ .
كيف ؟
الداعون إلى هذه التظاهرات المطلبيّة هم من منظمات المجتمع المدني ، الأداةِ الأميركية للسيطرة على نبض الشارع العراقي ، و من الحزب الشيوعيّ ، الذي كان من الداعين إلى التظاهرات ، وهو منظمة مجتمعٍ مدني أيضاً ، لأنه يتلقّى دعماً ماليّاً من الجهات الأميركية المانحة .
*
هدف الاستعمار الأميركي من هذه التظاهرات :
أوّلاً – تشخيص العناصر المعارِضة .
ثانياً – الحفاظ على السقف المطْلبيّ الخالص لأي تحرُّكٍ شعبيّ .
*
في 1789
خرج الباريسيّون مطالبين بالخبز .
قالت ماري أنطوانيت : ماذا في الأمر ؟ ليأكلوا الكَيك !
لكن الباريسيين كانوا يريدون رأسها ورأس لويس السادس عشر .
المطْلَبُ كان الجزءَ الطافي من جبل الثلج .
*
في أكتوبر 1917
كان المتظاهرون الروس يطالبون بالخبز .
لكن البلاشفة كانوا يريدون إنهاء القيصرية .
مطْلبُ الخبز كان الجزءَ الطافي من جبل الثلج .
*
في الحادي والثلاثين من آب اللهّاب ، ببغداد ، والمحافظات ، ليس من جبل ثلج !
1 أيلول 2013 لندن