بيان من الإرادة الشعبية

بيان من الإرادة الشعبية

تواصل المشاهد المؤلمة القادمة من الساحل السوري تدفقها على رؤوس السوريين في كل مكان في سورية وخارجها، لتبعث فيها أشباح الماضي القريب؛ ماضي الاقتتال والموت والدمار والمعاناة المريرة، والاحتمالات الخطرة والقاسية على البلاد وأهلها بمختلف انتماءاتهم واصطفافاتهم ومواقفهم.

إنّ دروس التجربة المرة السابقة، والتي دفع السوريون ثمنها أنهاراً من الدماء، ينبغي ألا تُنسى، وينبغي أن تكون نصب أعيننا جميعاً للاستفادة منها في التعامل مع اللحظة الخطرة التي نعيشها.
انطلاقاً من هذه القناعة، نؤكد ما يلي:

أولاً: ينبغي للمعالجات الأمنية أن تكون حكيمة وواعية، وينبغي للسلطة ألا تنزلق لتكرار سلوك سلطة الأسد، ما يعني أن عليها أن تتحمل المسؤولية التاريخية أمام الشعب السوري بأكمله في منع وقمع الانتهاكات والجرائم بكل أشكالها ومن أي طرفٍ جاءت، وفي منع وقمع السلوك الطائفي والانتقامي الحاقد وعديم البصيرة، الذي لا يقود إلا نحو الخراب والتقسيم وإنفاذ أحلام ومخططات الأعداء التاريخيين للبلاد وعلى رأسهم «إسرائيل».

ثانياً: الحلول الأمنية البحتة لم تستطع في يومٍ من الأيام أن تقدم حلاً لأزمات البلاد، بل كانت دائماً ما تزيد من اتساع الأزمات وعمقها وخطرها؛ فالحل الحقيقي هو حلٌ سياسي أولاً وقبل كل شيء، وينبغي أن تخضع المعالجات الأمنية المختلفة، بما فيها ملاحقة فلول النظام وملاحقة من يسعى للتخريب، للمنطق العام للحل السياسي الذي يقوم على أوسع مشاركة سياسية واجتماعية، تخلق اطمئناناً حقيقياً لدى كافة فئات الشعب السوري، وتغلق الثغرات التي يتسلل منها أعداء الداخل والخارج على حد سواء... وهو ما يتطلب، وعلى وجه السرعة، إنشاء حكومة وحدة وطنية وازنة وواسعة التمثيل، تساهم بشكلٍ مباشر في وضع البلاد على السكة الصحيحة نحو الاستقرار.

ثالثاً: ينبغي الوصول إلى حصرٍ حقيقي للسلاح بيد مؤسسات الدولة، وضبط السلاح المتفلت، بما في ذلك السلاح المتبقي بين يدي فلول النظام، وأيضاً السلاح الفصائلي، والوصول إلى ذلك يتطلب بالضرورة بيئة حوار وطني وحل سياسي شامل يقدم فيه المجتمع دعمه الحقيقي لهذه العملية التي لا يمكن أن تتم دون هذا الدعم.

رابعاً: ينبغي الانتهاء من أي أوهام حول «تدخلات خارجية إيجابية» وحول «حماية دولية» لهذه الفئة أو تلك؛ كما ينبغي تحييد دعوات حمل السلاح بحجة الدفاع عن النفس، لأن التاريخ القريب والبعيد لبلدنا، يعلمنا أن التدخلات الخارجية، وتحت أي مسمى كان، وحمل السلاح بغرض «الدفاع عن النفس»، كلاهما لم يؤديا إلا إلى رفع فاتورة الدم وتأخير الوصول إلى الحلول. الحل ينبغي أن يكون سورياً-سورياً، وسلمياً. وتتحمل السلطة القائمة مسؤولية أساسية أمام الشعب السوري في الدفع بهذا الاتجاه.

الرحمة لشهداء سورية
والشفاء العاجل لجرحاها

دمشق
8/3/2025

1

2

 

آخر تعديل على السبت, 08 آذار/مارس 2025 20:15