بيان من حزب الإرادة الشعبية ... «الدين لله والوطن للجميع»
يستقبل السوريون الذكرى الثامنة والسبعين للاستقلال المجيد عن الاستعمار الفرنسي، وهم وبلدهم في لحظةٍ من أشد لحظات التاريخ الوطني حلكةً وصعوبة؛ لحظةٌ تشابه تلك التي مرّت بها البلاد قبل فجر استقلالها الأول، حين زعم المتخاذلون والمخذّلون، كما يزعمون اليوم، أنّ الصبح ليس بآتٍ.
الاستقلال الأول كان استقلالاً سياسياً عن الاستعمار القديم، بصيغته العسكرية المباشرة. والاستقلال المطلوب اليوم هو استقلالٌ مركبٌ سياسي واقتصادي اجتماعي عن الاستعمار الجديد الذي يتمظهر في سورية بشكليه العسكري والاقتصادي في آنٍ معاً.
وإذا كان شعار الاستقلال الأول الذي رفعه الآباء المؤسسون، قادة الثورة السورية الكبرى، هو «الدين لله والوطن للجميع»، فإنّ هذا الشعار ما يزال صالحاً صلاحية كاملة، بل وهو اليوم يكشف عن معانيه العميقة التي لم تكن ملموسة بالقدر الكافي بعد حين رفعه؛ فـ«الوطن للجميع» تعني ليس فقط السيادة السياسية للسوريين على بلدهم، بل وأيضاً على ثرواته في وجه الناهبين الداخليين والخارجيين؛ فقد خبر السوريون بالتجربة المرة عبر عقودٍ طويلة بعد الاستقلال، أنّ الناهب الداخلي دائماً ما كان استمراراً للاستعمار الخارجي، وأداةً في يده في كثير من الأحيان.
إنّ المعنى العميق للاستقلال هو أن يأخذ الشعب زمام أموره بنفسه، أي أن يمتلك حقه الكامل غير المنقوص في تقرير مصيره، بكل مفردات ذلك المصير؛ وبهذا المعنى، وكما أنهى الآباء الأوائل التقسيم الاستعماري لسورية، ووحدوها ووحدوا شعبها، فإنّ المهمة اليوم هي أيضاً استعادة وحدة سورية وإنهاء تقسيمات الأمر الواقع عبر توحيد الشعب السوري حول حل سياسي شامل عبر القرار 2254، يكون مدخلاً أساسياً ليس لاستعادة وحدة سورية والشعب السوري فحسب، بل ولامتلاك السوريين زمام مصيرهم كاملاً بأيديهم.
الاستقلال الأول جاء ضمن ظروف دولية هي ظروف صعود الحركة الشعبية على المستوى العالمي، والتي وجدت أحد أهم تمثيلاتها في حينه بانتصار ثورة أكتوبر وبقيام الاتحاد السوفياتي وبحركة التحرر الوطني.
اليوم أيضاً، نعيش ضمن ظروف دولية مشابهة وأكثر تقدماً بالمعنى النوعي؛ فهي أيضاً ظروف نهوض عامٍ في الحركة الشعبية العالمية، والمناصرةُ الشعبية الواسعة النطاق للقضية الفلسطينية هي أحد مؤشراتها، وهي أيضاً ظروف صعودٍ لأقطاب دولية جديدة، وظروف تقهقر للقطب الدولي الأمريكي الأوحد واستطالاته الغربية، التي كانت هي نفسها استعمارنا القديم، والتي هي نفسها الآن مركز استعمارنا الجديد.
إننا في حزب الإرادة الشعبية، إذ نحتفي بذكرى الجلاء المجيدة، نستذكر دروس الآباء الأوائل، وندعو للانطلاق منها والبناء عليها، باتجاه إنهاء المأساة السورية، وباتجاه ولادة جديدة لسورية خالية من الوجود العسكري الأجنبي بكل أشكاله، وعلى رأسها الاحتلال الصهيوني للجولان السوري، الذي لم يعد بعيداً صبحه السوري الذي طال انتظاره!
حزب الإرادة الشعبية
دمشق
17 نيسان 2024
تحميل المرفقات :
- بيان حزب الإرادة الشعبية (109 التنزيلات)