إذا بقيت وتيرة عمل اللجنة كما هي ستستمر لسنوات .. انسحاب «إسرائيل» من الجولان المحتل... أولاً .. النقل إلى دمشق يعني الانتقال إلى عمل يومي ومستمر

إذا بقيت وتيرة عمل اللجنة كما هي ستستمر لسنوات .. انسحاب «إسرائيل» من الجولان المحتل... أولاً .. النقل إلى دمشق يعني الانتقال إلى عمل يومي ومستمر

استضافت وكالة ريا نوفوستي يوم الثلاثاء الماضي، 19/10، د. قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير ورئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، في مؤتمر صحفي لنقاش عمل اللجنة الدستورية في جولتها السادسة، وآفاق عملها، وآفاق العملية السياسية ككل.
وفيما يلي، تنشر قاسيون المقدمة التي بدأ فيها د. جميل المؤتمر، وقسماً من إجاباته عن أسئلة الصحفيين، علماً أنّ الفيديو الكامل منشور على موقع قاسيون الإلكتروني: kassioun.org

إحصاءات

هذه الجولة هي السادسة منذ أن وضع الأساس للجنة الدستورية في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي بتاريخ 31/1/2018 أي تقريباً منذ أربع سنوات. وتم تشكيل هذه اللجنة في 23/9/2019 أي بعد سنة وتسعة أشهر من مؤتمر سوتشي، وعقدت أول اجتماع لها في 31/10/2019 واستمرت في اجتماعاتها حتى هذا الاجتماع السادس الذي بدأ البارحة.
إذا أجرينا إحصاء بسيطاً، علماً أن كل اجتماع كان يستمر تقريباً لأسبوع أي خمسة أيام عمل، وأن كل يوم عمل فعلي في هذه اللجنة هو أربع ساعات، فإن أيام العمل الفعلية لهذه اللجنة خلال فترة عملها منذ أيلول 2019 حتى اليوم هي 28 يوماً أي 112 ساعة عمل خلال عامين. وإذا انطلقنا من وحدة قياس أخرى وهي يوم العمل التقليدي 8 ساعات، يتبين أن هذه اللجنة عملت 14 يوم عمل فعلي خلال هذه الفترة.
لماذا أقول هذا الكلام؟ لكي أفسر لماذا لم تعط نتيجة. في الندوة السابقة التي شاركت فيها هنا (في ريا نوفوستي)، قلت إن نتائج اللجنة الدستورية حتى الاجتماع الخامس هي صفر صفر صفر، لم تحرك ساكناً ولم تتحرك عجلة اللجنة الدستورية. اللجنة الدستورية لتوها قد بدأت جولتها الجديدة، ولكن المؤشرات الأولى تقول إن هنالك أملاً بالحديث عن بداية تحرك العجلة بالاتجاه المطلوب. السؤال بأية سرعة ستسير العجلة في الاتجاه المطلوب. سابقاً كنا في حالة سكون لم يتحرك شيء من مكانه في إطار عمل اللجنة الدستورية. المؤشرات الأولى البارحة واليوم تفيد أن هنالك حركة ما، ولكن ما هي نتائج الحركة النهائية؟ كي نستطيع التقييم بشكل موضوعي علينا انتظار نهاية هذا الأسبوع، ولكن الذي أريد أن أشدد عليه أنه إذا بقيت وتيرة العمل بهذا الشكل، أي وسطياً كل أربعة أشهر اجتماع للجنة الدستورية، وكل اجتماع أسبوع والأسبوع خمسة أيام عمل واليوم هو أربع ساعات عمل، فيمكننا أن نتوقع كم سيستمر العمل الحقيقي للجنة الدستورية... سيستمر لسنوات موضوعياً. ولكن الواقع الموضوعي ماذا يتطلب؟ يتطلب البدء السريع بالحل السياسي، واللجنة الدستورية هي أحد جوانب العملية السياسية. إذا كانت الوتيرة ستبقى هكذا فهذا يعني أن معاناة الشعب السوري ستطول وستأخذ وقتاً إضافياً ليس ضرورياً.

غرفة إنعاش مركّز

وأقول هذا ليس للتقليل من شأن اللجنة الدستورية، وإنما من أجل وضع الأساس للتفكير بتسريع وتعجيل عملها. اللجنة الدستورية لعبت دوراً هاماً منذ مؤتمر الحوار في سوتشي وحتى تشكيلها في أيلول 2019. ما هو هذا الدور؟ يجب ألّا نبالغ في هذا الدور ويجب ألّا نخفف من أهميته؛ هذا الدور كان هاماً لإبقاء العملية السياسية قيد الحياة ولو في غرفة الإنعاش المركّز، لأن البعض دولياً كان يريد دفن القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن في 2015، أي 2254، حول الأزمة السورية. وعدم وجود أي حراكٍ في اتجاه القرار، كان يمكن موضوعياً أن يسمح بدفن هذه العملية. على الأقل، سوتشي وما نتج عنها باللجنة الدستورية، أبقت العملية السياسية قيد الحياة، وهذا المهم بالنسبة لنا في الموضوع.
وهذا إذا قلناه لا نعني به أن العملية السياسية هي اللجنة الدستورية فقط، اللجنة الدستورية هي أحد جوانب العملية السياسية وحسب المنطوق الحرفي وروح 2254، فالعملية السياسية أوسع من اللجنة الدستورية ولو كانت اللجنة الدستورية هي النقطة الثانية في هذه العملية السياسية التي يمكن تسميتها الانتقال السياسي.
هذا ما للجنة الدستورية وما عليها. لها دور كبير أنها أبقت العملية السياسية في حالة حياة، وعليها ملاحظة أن عملها كان بطيئاً جداً، وهذا العمل البطيء يمكن أن يعطي نتائج سلبية.
لماذا كان عملها بطيئاً؟ لأن هذه اللجنة من الناحية السورية، لا أريد أن أتكلم عن الجانب الدولي، بالجانب الدولي كان هناك طرف وهو الغرب تحديداً يسعى إلى وضع العصي بالعجلات وعرقلة كل العملية السياسية بما فيها عمل اللجنة الدستورية، ولكن سورياً ماذا؟ سورياً كان هناك موقفان متناقضان لا يمكن الموافقة عليهما وفهمهما، أولاً موقف من النظام الذي اعتبر علناً وبشكل صريح أن اللجنة الدستورية في جنيف هي لعبة سياسية، أي إن العملية بالنسبة له غير جدية. نأمل أن بوادر ما ظهر البارحة واليوم يعني أن موقفه قد تغير في التعامل مع اللجنة الدستورية واعتبارها بالتالي عملية جدية وليست لعبة سياسية. الموقف النقيض بالطرف الآخر من المتراس هو موقف الأطراف المتشددة من المعارضة التي تعالج الموضوع من الناحية الشكلية، وتعتبر أن 2254 يعني أولاً جسماً انتقالياً وبعدها لجنة دستورية وبعدها انتخابات. فإذا انطلقنا من اللجنة الدستورية وهي رقم 2 في الأولويات التنفيذية لـ 2254 أي إننا ألغينا النقطة الأولى التي هي الجسم الانتقالي وهذا الأمر غير صحيح. الأمر الصحيح أن عدم ظهور اللجنة الدستورية ولو كانت تعمل بشكل بطيء خلال الفترة الماضية كان سيعني إلغاء ليس فقط النقطة الأولى التي هي الجسم الانتقالي وإنما إلغاء 2254 كله.

2254... القوات الأجنبية، وأولاً «الإسرائيلية»

ما يُسجَّل للجنة الدستورية أنها أبقت العملية السياسية كما قلت قيد الحياة. ماذا يعني 2254 بالنسبة لنا، والذي نشأت اللجنة الدستورية على أساسه؟ يعني فيما يعنيه إذا تكلمنا لاحقاً عن العملية السياسية بمعنى الانتقال السياسي، يعني انسحاب جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية بغض النظر هل هذه القوات جاءت بدعوة أو بغير دعوة. والذي أريد لفت الانتباه إليه أن القوات «الإسرائيلية» التي تحتل منذ عام 1967 جزءاً هاماً من الأراضي السورية وهي الجولان المحتل حالياً، هي أيضاً مشمولة برأينا بهذا القرار.
كثيرون ممن يتكلمون عن انسحاب القوات الأجنبية ينسون أو يتناسون موضوع القوات «الإسرائيلية» الموجودة في الجولان، وبرأينا انسحاب القوات «الإسرائيلية» من الجولان ذو أهمية قصوى بالنسبة للأزمة السورية؛ يمكن للبعض أن يقول ما هي علاقة احتلال الجولان بالأزمة السورية... احتلال الجولان 1967 والأزمة السورية في 2011؟ العمليات السياسية الاجتماعية الاقتصادية التي انطلقت بعد احتلال الجولان بالنسبة لسورية هي التي أوصلتنا في نهاية المطاف لـ 2011، لأن ما جرى بعد الـ 67 هو خفض مستوى التنمية نتيجة المصاريف الدفاعية المرهقة، وهو تضخيم جهاز الدولة العسكري والأمني نتيجة احتلال الأراضي السورية والذي أدى عملياً إلى انزياحٍ في وظيفة الدولة الداخلية وتوجيه مهامها بالدرجة الأولى نحو الخارج، مما أدى إلى استغلال البعض لذلك من أجل تخفيض مستوى الحريات السياسية في البلاد مما خلق الأرضية المناسبة لزيادة الفساد الذي كان موجوداً ولكن ارتفع مستواه أكثر بغياب الحريات السياسية وانخفاض مستواها. لذلك فإنّ الجذر الأول وليس الوحيد للأزمة السورية، أقول الأول هو الاحتلال «الإسرائيلي» للأراضي السورية. ومن يريد حل الأزمة السورية دون إخراج القوات «الإسرائيلية» من الأراضي السورية، فهو يريد وضع الأساس من أجل دورة ثانية للأزمة السورية.
لذلك بالنسبة لنا، انسحاب القوات «الإسرائيلية» من الأراضي السورية هو أولاً، وكل القوات العسكرية الأجنبية ثانياً من جميع الأراضي السورية. ثانياً القوة العسكرية التي جاءت دون دعوة، وثالثاً القوة العسكرية التي جاءت بدعوة، والتي ستنتفي الحاجة لوجودها حينما تذهب جميع القوات الأخرى.
أعتقد أن هذا هو 2254 بالنسبة لنا، وهو إلغاء الحصار الاقتصادي الجائر من طرف واحد ضد سورية، وإلغاء العقوبات ضد الشعب السوري لأن النخب الفاسدة استفادت جداً من هذه العقوبات وحققت ثروات لم تكن تحلم بها.
كلنا نعلم أنه هنالك فساد ونهب للاقتصاد السوري، ولكنّ مستواه زاد كثيراً بسبب هذه العقوبات وبسبب الحصار الاقتصادي. وواضح أنه إذا زالت العقوبات وتم فك الحصار، فإنّ الوضع الاقتصادي لا يمكن إلا أن يتحسن. لذلك يهمنا مصير الشعب السوري ووضعه الاقتصادي والمعاشي وتنفيذ 2254 هو المفتاح لحلحة هذه القضية.

الكارثة الاقتصادية

الوضع الاقتصادي اليوم مأساوي، لأن الحد الأدنى للأجر اليوم هو بحدود 20 دولاراً، ما يعادل 70 ألف ليرة سورية، بينما الحد الأدنى لمستوى المعيشة المطلوب اليوم في ظروف السورية على أساس مستوى الأسعار الحالي هو بحدود 300 دولار أو ما يعادل مليون و100 ألف ليرة سورية. بينما الحد الوسطي للأجر في ظل مستوى الأسعار الحالي وسعر صرف الدولار يجب أن يكون بحدود الـ 500 دولار ما يعادل مليون و 800 ألف ليرة سورية، فأين نحن مع الحد الأدنى للأجر من الحد الأدنى لمستوى المعيشة؟ الحد الأدنى للأجر اليوم هو أقل من 10% من الحد الأدنى لمستوى المعيشة المطلوب، والمحسوب علمياً على أساس المتطلبات الضرورية للحياة، أي إعادة إنتاج الحياة نفسها. وجميعكم تعلمون أن 2254 هو حل لقضية المعتقلين والمختفين، 2254 سيؤدي عملياً إلى حل قضية اللاجئين وعودتهم الآمنة وتأمين ظروف المعيشة الكريمة لهم.

1041-8

دمشق

كيف يمكن السير إلى الأمام في اللجنة الدستورية؟ تقدمنا سابقاً باقتراح باسم منصتنا التي كان يمثلها في اللجنة الدستورية مهند دليقان في الاجتماع الأول للجنة الدستورية بـ 31/10/2019. أبدينا رأينا بضرورة نقل عمل اللجنة الدستورية إلى دمشق، فنزل علينا غضب هيئة التفاوض والمعارضة الحاكمة في هيئة التفاوض- كما يوجد نظام حاكم يوجد أيضاً معارضة حاكمة- وقررت إبعاد ممثلنا لا لذنبٍ ارتكبه إلا أنه قال رأينا في هذا الاجتماع الذين هم غير موافقين عليه. لا نلغي حقهم بأن يكون لديهم رأي أخر غير رأينا، ولكن لماذا يريدون إلغاء رأينا؟ ولماذا هذا التصرف التعسفي الذي لا يتطابق مع اللوائح والأنظمة الداخلية لهيئة التفاوض نفسها؟
منذ ذلك الحين ونحن غير موجودين في اجتماعات اللجنة الدستورية، أي إن منصة موسكو غائبة عن اجتماعات اللجنة الدستورية. اليوم يجري الاجتماع الخامس بغيابنا، الاجتماع الأول حضرناه ومقعدنا محفوظ ولكن نحن مصرّون على أن تعيد هيئة التفاوض النظر بقرارها الجائر وكثير من المكونات من هيئة التفاوض «منصة القاهرة- هيئة التنسيق- وجزء من المستقلين» يؤيدوننا في هذا الموقف، ولكن هناك تعنت وإصرار من قبل الائتلاف الذي له وزن ضمن هيئة التفاوض على موقفه، ونحن لن نتراجع عن موقفنا ومصرون على نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق.
واضح لماذا نطلب نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق من اللحظة الأولى. إضافة إلى الكلام الذي قلناه سابقاً في هذا الشأن وضمناً أنّ دستور سورية يجب أن يكتب في سورية وليس في جنيف، لا أعلم كيف الذين يريدون أن يكتبوا الدستور في جنيف سينظرون إلى أعين أولادهم وأحفادهم في المستقبل حينما يقولون نحن كتبنا الدستور السوري أين؟ خارج سورية. من الناحية السياسية والمعنوية والأخلاقية يجب أن يكتب في سورية.
من الناحية العملية ماذا يعني نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق؟ يعني خلق حالة استمرارية في عمل اللجنة الدستورية، حالة عمل يومي. كما قلت منذ قليل، خلال عامين، اجتمعت اللجنة الدستورية فقط 28 يوماً كل يوم وسطياً 4 ساعات وأحياناً ساعتين.
الواضح من سرعة هذا العمل أنه لن يؤدي إلى الوصول إلى دستور خلال فترة قريبة، ونحن مستعجلون، والشعب السوري مستعجل أكثر منّا من أجل حلحلة الأزمة السياسية وحلحلة الموضوع القائم وحلحلة المشكلة السورية والبدء بالحل السياسي.
الاستمرارية اليومية لعمل اللجنة ستسمح بإنهاء العمل بفترة قياسية سريعة. ثانياً، من الناحية السياسية، نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق يعني إنهاء عدم الاعتراف المتبادل بين الطرفين اللذين يتفاوضان في جنيف. إلى الآن كان هناك حالة عدم اعتراف. حالة عدم الاعتراف كانت تتمظهر في أن كل طرف يسمي الطرف الآخر بتسميات ما أنزل الله بها من سلطان ولا تؤدي إلى خلق أجواء مناسبة للحوار.
ثالثاً، نقل الأعمال إلى دمشق لا يعني فقط إنهاء عدم الاعتراف، وإنما أيضاً الاعتراف بأن الحوار هو الطريق الوحيد للحل، لن يكون هناك إسقاط ولا حسم عسكري، سيصبح الحوار الذي يجري في دمشق تحت إشراف ورقابة وحماية الأمم المتحدة وأريد أن أركّز على هذه النقطة. البعض حينما قلنا نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق قال «تريدون أن تسلموا المعارضة لقمة سائغة لأجهزة أمن النظام؟» قلنا لهم «بالله عليكم، إذا كان وفد المعارضة سيذهب إلى دمشق وبالأساس قسم منه موجود في دمشق والقسم الذي هو غير موجود في دمشق ألا يمكن للأمم المتحدة أن تتكفل بحمايته وأن تأخذ من الحكومة السورية والنظام السوري الضمانات الضرورية والكافية بدعم من الأطراف الدولية صاحبة العلاقة لضمان أمن وسلامة وسير عمل اللجنة الدستورية على الأراضي السورية؟ لماذا الإصرار من قبل بعض المعارضين على عدم الذهاب إلى دمشق إذا كان هنالك ضمانات؟ أفهم الإصرار من قبل بعض المعارضين على عدم الذهاب إلى دمشق على أنه إصرار على عدم الاعتراف المتبادل وعلى عدم الاعتراف بالحوار بوصفه الطريق الوحيد للحل في سورية. ولا يمكن تفسير ذلك بشكل آخر.
الحقيقة أن الحوار الجاري في جنيف كان منفصلاً نهائياً عن الواقع السوري وتطوراته. وضع اللجنة السورية في حضن الشعب السوري تحت أنظاره وبشكل نؤمّن فيه أكبر علنية ممكنة، لأنه في الزوايا المظلمة يتم عملياً تنظيم الألاعيب وتلفيق الأكاذيب، لذلك من المهم أن تكون هناك علنية قصوى في الإضاءة على اللجنة الدستورية في دمشق، ونحن من طرفنا كمنصة موسكو وجبهة التغيير والتحرير وحزب الإرادة الشعبية نطالب ببث كاملٍ ومباشرٍ لأعمال اللجنة الدستورية كي يرى الشعب السوري الجميع ماذا يقولون وماذا يفعلون؟ لأننا موجودين في هذه اللجنة وليس لدينا ما نخفيه في هذه اللجنة ولا أعتقد أنّ الأخرين لديهم ما يخفونه. لذلك لماذا عدم الإصرار على نقل وقائع عمل اللجنة الدستورية بشكل كامل. أنا لا أقول نقل عمل لجان الصياغة الصغيرة... إلخ أتكلم عن اللجنة المصغرة واللجنة الموسعة. اللجنة المصغرة 45 واللجنة الموسعة اجتمعت مرة واحدة والتي كانت 150 شخصاً، هذا ممكنٌ نقله بشكل مباشر. دعونا نتعلم العلنية والمكاشفة والمصارحة، وليكن الكل صفحة مفتوحة أمام الشعب السوري لكي يعلم الشعب من هو من... هذا الشيء ضروري.
أعتقد أن عجلة اللجنة الدستورية بدأت بالحركة ويمكن أن تكون الحركة بطيئة في بادئ الأمر، ونهدف من خلال جميع اقتراحاتنا إلى تسريعها وأعتقد أن هذه الاقتراحات ضرورية للتنفيذ إذا حصلت على موافقة الأطراف الأخرى.
حينما اقترحنا هذا الاقتراح توقعنا أنّ أول من سيوافق عليه هو وفد الحكومة السورية، ولكن إلى الآن لم ينبسوا ببنت شفة حول هذا الموضوع، واستغربنا بشكل شديد لماذا لم يحددوا موقفاً من هذه العملية؟ هل لأنهم لا يريدون الاعتراف بوفد المعارضة وأن يستمروا في حالة عدم الاعتراف المتبادل؟ هل لأنهم لا يعتبرون الحوار هو الطريق الوحيد للحل؟ لذلك لتبديد هذه الشكوك، على الأطراف أن تعلن موافقتها على نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق لأن نقلها يعني تفعيل القرار 2254 لتطبيقه من كامل جوانبه.
البعض كان يرى الموضوع بطريقة ميكانيكية: نبدأ بالرقم واحد الجسم الانتقالي وننتقل للرقم 2 اللجنة الدستورية وبعدها ننتقل للرقم 3 الانتخابات. الحياة فرضت رسماً وخطاً آخر، بدأنا باللجنة الدستورية. لماذا لا يمكن العودة إلى 1 والبدء بالحديث عن المرحلة الانتقالية والجسم الانتقالي الذي سيعزز عمل اللجنة الدستورية أكثر؟ لذلك عمل اللجنة الدستورية سيتسارع بحال توفر عاملان: بدء تنفيذ القرار 2254 بكل جوانبه، ونقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق. و2254 هو الحل الوحيد للأزمة السورية حتى الآن ولن يكون هنالك حل آخر غيره.

ألا يعرقل الوجود التركي المستمر في سورية الأوضاع، وألا يطيل حل المشكلات داخل سورية؟

عبر مجموعة أستانا، حيث روسيا وإيران، يمكن تحجيم الآمال التركية والمخططات التركية بتغييرات ديمغرافية واقتصادية في المناطق التي يوجد بها الأتراك إنْ كان مباشرةً عبر الجيش التركي أو عبر الفصائل التي تأتمر بأمرهم. نعوّل كثيراً على دور مجموعة أستانا الثلاثية في تحجيم شهية الأتراك بالنسبة لسورية، نحن لسنا مع تضخيم الخطر التركي ولكن لسنا مع تخفيفه. الغرب و«إسرائيل» خاصةً يحاولون أن يبالغوا في خطري التتريك والتشييع أي إيران، والاثنان موجودان في أستانا، وروسيا يمكن أن تلعب دوراً توفيقياً هاماً في هذه المجموعة. لذلك نعتقد في حزب الإرادة الشعبية وفي جبهة التغيير والتحرير أنه آن الأوان كي تلعب أستانا دوراً أساسياً في حل الأزمة السورية على أساس القرار 2254. أستانا نشأت كتفاهم بين ثلاث دول للمساهمة بالحل العسكري للأزمة السورية وقد نجحت بذلك نجاحاً كبيراً؛ عملياً لم يعد هناك إطلاق نار على الأراضي السورية، مناطق التوتر القتالي أصبحت بؤراً صغيرة، لم يعد هناك قتال شامل على الأراضي السورية، وهذا الفضل يسجل لأستانا. ولكن هذا الموضوع استنفد نفسه، أقصد الدور العسكري لأستانا، وهذا الموضوع إن لم يدعمه الحل السياسي يمكن أن تتبخر نجاحاته، ولكي لا تتبخر نجاحاته نرى في ظل المماطلة والتسويف والإعاقة التي يقوم بها الغرب في تنفيذ 2254 أملاً في إبادة واستنزاف سورية، نرى أنه على أستانا دور تاريخي هام جداً وهو المساعدة على تحقيق الحل السياسي على أساس 2254 في سورية؛ أي إنه يجب تطوير الدور النوعي لأستانا وتطوير وظيفتها في الأزمة السورية. إذا استطاعت أستانا أن تصل إلى هذا المستوى الجديد، أعتقد أننا قادرون على حل الأزمة حتى وإن قاوم الغرب ذلك.

أشرت إلى الدور «الإسرائيلي» في سورية، وفي هذا الشهر من المقرر إجراء لقاء بين رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بينت والرئيس الروسي بوتين، هل سيؤثر هذا اللقاء في التسوية السورية؟

قلت في المقدمة إنّ الدور «الإسرائيلي» قديم، ويعود لأكثر من 50 عاماً، وإن هذا الدور كان أحد أسباب اشتعال فتيل الأزمة. وإن أردنا حل الأزمة جدّياً علينا أن نسحب هذا الفتيل نهائياً، وسحب هذا الفتيل هو إعادة الجولان لأصحابه. هناك حديث في الفترة الأخيرة من «الإسرائيليين» أنهم يخططون لاجتماع أمني أمريكي- «إسرائيلي»- روسي، لبحث الموضوع السوري، أعتقد أنّ الحديث في هذا الموضوع مضر، والتفكير بهذا الموضوع مضر، لأن على «إسرائيل» الابتعاد نهائياً عن التدخل بالشؤون الداخلية للأمر السوري، وأي تدخل لهم يزيد الطين بلة، وهم يتدخلون فعلاً بشكل علني عبر القصف المستمر للأراضي السورية، استطاع الطرف الروسي أن يجبرهم ألّا يقصفوا من الأراضي السورية، أصبحوا يقصفون من خارج الأراضي السورية. وتدخلوا بشكل غير مباشر عبر دعم بعض الفصائل المسلحة وتمويلها وتسليحها، هذا الأمر مخفي ولكن المخابرات «الإسرائيلية» لها دور ويد هامة في الأزمة السورية، لذلك إن كانوا فعلاً يريدون حل الأزمة السورية عليهم أن يبتعدوا نهائياً عن التدخل بأي شكل كان مباشر أو غير مباشر وعليهم الانسحاب الكامل من الجولان.

ما تقييمكم لآفاق تقدم العملية السياسية في سورية بدعم من الأمم المتحدة كما ينص القرار 2254؟

العملية حيّة ولو في غرفة الإنعاش المركز عبر اللجنة الدستورية. الآن يجب إخراجها من غرفة الإنعاش المركز وإدخالها إلى الحياة النشيطة، وهذا يتطلب العودة إلى القرار بكامل تفاصيله، والنقطة الأولى منه هي ليست تفصيلاً صغيراً بل هي أساسية، هي بحث المرحلة الانتقالية بين الطرفين السوريين لتنفيذ القرار بروحه وحرفه. المرحلة الانتقالية تعني بالنسبة لنا جسماً انتقالياً بالتوافق بين الأطراف السورية دون إسقاط ودون حسم، عبر الحوار. وللتوافق على الجسم الانتقالي المطلوب التوافق على ثلاث نقاط، النقطة الأولى تعريف الجسم الانتقالي لأنه غير معرف وتُرك للسوريين تعريفه، لأنه يمكن أن يكون هيئة موجودة في الدستور أو خارج الدستور هذا موضوع ليس أمريكياً وليس روسياً وليس تركياً وليس إيرانياً هذا الموضوع سوري- سوري. وبعد تعريفه يجب التوافق بين الأطراف السورية على صلاحياته خلال المرحلة الانتقالية والمفروض أن تستمر حسب ما هو مكتوب في 2254 سنة ونصف. عندها نبحث عن الصلاحيات لنرى ما هي الصلاحيات الموجودة في الدستور والصلاحيات التي تتطلب تعديلات دستورية، وبعد إنهاء النقطة الأولى والثانية يصبح التشكيل الشخصي لهذا المجلس الانتقالي هو حاصل مُحصَّل بالنتيجة.
لذلك أعتقد أن الأولوية اليوم تنتقل إلى هذه النقطة ومن هنا أطمئن المتخوفين من أنّ العمل في اللجنة الدستورية يلغي النقطة الأولى، أقول بالعكس إنّ بدء العمل باللجنة الدستورية وضع الأساس لإبقاء العملية السياسية حيّة والانتقال مرة أخرى إلى النقطة الأولى من أجل تفعيلها والسير إلى الأمام نحو الحل السياسي، نحو إنجاز الدستور والذهاب نحو الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية والانتقال إلى سورية جديدة ينعم فيها بالعيش الكريم جميع السوريين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1041
آخر تعديل على الإثنين, 25 تشرين1/أكتوير 2021 23:34