«جنيف ولا المذلة»!
خلال نقاش مع أحد الأصدقاء حول نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق، قال محقاً: «إذا كان قد ظهر خلال الطور الأول من الحركة الشعبية في سورية شعار (الموت ولا المذلة)، فإنّ شعار من لا يريدون الحل اليوم هو (جنيف ولا المذلة)»!
خلال نقاش مع أحد الأصدقاء حول نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق، قال محقاً: «إذا كان قد ظهر خلال الطور الأول من الحركة الشعبية في سورية شعار (الموت ولا المذلة)، فإنّ شعار من لا يريدون الحل اليوم هو (جنيف ولا المذلة)»!
بعد الفشل الكامل للجولة الثانية من أعمال اللجنة الدستورية المصغرة، ظهرت بشكل أوضح، حيوية وضرورة الطرح الذي قدمته منصة موسكو منذ الجلسة الافتتاحية الأولى للجنة؛ والقائل بضرورة نقل عمل اللجنة إلى دمشق، مقترناً بتوفير الضمانات اللازمة وبإشراف الأمم المتحدة.
تسارع خلال الأسبوعين الماضيين انهيار الوضع المعيشي، المتداعي أصلاً، للغالبية الساحقة من السوريين. ويظهر الانهيار الكارثي في سعر صرف الليرة السورية كأحد المؤشرات الهامة على ذلك، وهو الأمر الناجم مباشرة عن التأخر في الانخراط الجدي في عملية الحل السياسي، وهو تأخرٌ يعمق المأساة الإنسانية السورية ويثخن في الجرح السوري النازف، مهدداً بتشريع الأبواب مجدداً أمام كل الاحتمالات الخطرة على الشعب وعلى البلاد.
مع بدايات القرن الحالي، شكّلت مقولة «موت الفضاء السياسي القديم، وولادة فضاء سياسي جديد» واحدة من عناصر رؤية حزب الإرادة الشعبية (اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين سابقاً).
لم يخف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ولعه بالنفط، معلناً حبه للنفط السوري في أكثر من مناسبة، وأنه سيأخذ حصة الولايات المتحدة منه (على حد قوله).
من المعروف أنّ لكل حزب دوراً وظيفياً يقوم به، يقوم الحزب من خلاله بالدفاع عن مصالح طبقة اجتماعية محددة. وفي حال فقد الحزب دوره الوظيفي يفقد ثقة قاعدته الطبقية به، ويتحول إلى حزب يعمل بكل شيء ما عدا السياسة، والقضية هنا يمكن توضيحها كما يلي: نعتبر الدولة، والمجتمع وضمير المجتمع «الأحزاب» هي رؤوس لمثلث متساوي الأضلاع، وباعتبار أن الدولة كجهاز مكلف بمهمة معينة من قبل المجتمع فلديها ميل دائماً للإفلات من رقابة المجتمع، كونها أرضية خصبة للفساد والإفساد فتعمل على شراء ضمير المجتمع عبر الامتيازات المادية والمعنوية، وهنا يفقد الحزب دوره المعنوي الهامّ جداً، وبنفس الوقت تفقد الدولة جهاز الرقابة عليها من قبل الأحزاب والمجتمع.
انتهت يوم الجمعة الفائت، 29 تشرين الثاني، الجولة الثانية للجنة الدستورية المصغرة، دون انعقاد أي اجتماع لأعضائها الخمسة والأربعين. واقتصرت الجولة على سجالات بيزنطية حول جدول الأعمال، بالتوازي مع تبادل الاتهامات، بما يُوحي شكلياً، وشكلياً فقط، بالعودة إلى أجواء جولات جنيف السابقة التي تسيّدها المتشددون من الطرفين، بعقليتهم وطروحاتهم.
بعد لأيٍ، وبعد جهودٍ مضنية استمرت قرابة العامين، خرجت اللجنة الدستورية إلى النُّور لتعقد أول اجتماعاتها الموسعة يوم 30 من الشهر الماضي، والذي تلاه اجتماع للجنة المصغرة استمر أسبوعاً آخر. وهي تتحضر الآن لانعقاد الدورة الثانية يوم الإثنين 25 تشرين الثاني.
الجوعى، والعاطلون عن العمل، والمتآكلة دخولهم، وكل من تقف منظومة العلاقات الاقتصادية الاجتماعية السياسية في وجه تقدمهم إلى الأمام وملامستهم لطموحاتهم وفتح أفقهم... كل هؤلاء غاضبون ولا يملكون ما يخسرونه وسط استعصاء التغيير دون قلب الموازين الاجتماعية.
تنطلق يوم الإثنين 25/11 الدورة الثانية للجنة الدستورية المصغرة في جنيف وقد اجتازت أول امتحاناتها خلال الدورة الأولى، محققة شيئاً من كسر الجليد، وفاتحة الباب نحو بدء حقيقي للعملية السياسية المتمثلة بالتطبيق الكامل للقرار 2254، وذلك على الرغم من جملة تصريحات وتصرفات استفزازية حاولت من خلالها أطراف متشددة- متناقضة شكلياً ومتفقة في الجوهر- تخريب عمل هذه اللجنة والتقليل من شأنها.