«جنيف ولا المذلة»!
خلال نقاش مع أحد الأصدقاء حول نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق، قال محقاً: «إذا كان قد ظهر خلال الطور الأول من الحركة الشعبية في سورية شعار (الموت ولا المذلة)، فإنّ شعار من لا يريدون الحل اليوم هو (جنيف ولا المذلة)»!
حين طُرحت الفكرة للمرة الأولى مع انطلاق اجتماع الدستورية في جنيف، (وللحقيقة فهذه الفكرة قديمة لدى منصة موسكو، وسبق أن طرحَتها علناً، ومرات عديدة، حتى قبل تشكيل اللجنة)، لم تكن أبعادها واضحة على مستوى التلقي العام، بل وحتى على مستوى قسم ممن يسمون نخباً سياسية.
ولكن بعد أن ظهر الموقف العملي (الثابت حتى اللحظة)، الذي أبداه الطرفان المتشددان تجاه هذا الطرح، بات التعامل مع الفكرة مختلفاً... من جهة القسم المتشدد في المعارضة، فقد أعلن رفضه للفكرة، بل ومارس انتقاماً سياسياً متهوراً من منصة موسكو. على الضفة الأخرى، جاءت ردة فعل مباشرة توافق على الطرح، (ربما من باب الحرج)، ولكن سرعان ما ساد الصمت تجاه الفكرة، بل وأكثر من ذلك، سارع أحد المحسوبين على النظام منذ بضعة أيام إلى الحديث عن توافق على الموعد القادم في جنيف!
إنّ نقل أعمال اللجنة إلى دمشق، يعني فيما يعنيه، الانتهاء من مرحلة التبارز الإعلامي عديم الجدوى، والانتهاء من حالة عدم الاعتراف المتبادل الذي يصب في خانة تأخير الحل، وذلك على أمل القفز فوقه نحو الماضي؛ نحو الشعارات الرنانة للحسم والإسقاط.
يعني النقل أيضاً، أنّ سورية دخلت فعلياً مرحلة الحل، مرحلة ما بعد الحرب بشكلها العسكري، لمصلحة الصراع الفكري والسياسي، والذي لا يبدو أن هنالك ثقة بنتائجه من المتشددين من الأطراف المختلفة، وهذا أمر طبيعي؛ فحين يصبح القرار شيئاً فشيئاً بيد الشعب السوري، فإنّ غير المطمئنين لرأي السوريين فيهم، وغير المطمئنين لامتلاكهم برامج حقيقية لسورية المستقبل، لا بد أن يروا أنّ النقل إلى دمشق هو «مذلة»، ولذا «جنيف ولا المذلة».
النقل يعني أيضاً، أن اللعب على التناقضات الدولية، وعلى الصراع الدولي، لتمديد عمر الأزمة، ولتمديد أرباح تجار الحرب والأزمات، أن هذا اللعب سيصل إلى نهاياته.
أخيراً وليس آخراً: انتقال اللجنة إلى دمشق، يعني انطلاقاً فعلياً وملموساً للحل السياسي، يعني انطلاقاً لعملية تغيير جذري تدريجية وسريعة يقودها ويملكها الشعب السوري...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 943