افتتاحية قاسيون 943: لماذا نقل الدستورية إلى دمشق؟
بعد الفشل الكامل للجولة الثانية من أعمال اللجنة الدستورية المصغرة، ظهرت بشكل أوضح، حيوية وضرورة الطرح الذي قدمته منصة موسكو منذ الجلسة الافتتاحية الأولى للجنة؛ والقائل بضرورة نقل عمل اللجنة إلى دمشق، مقترناً بتوفير الضمانات اللازمة وبإشراف الأمم المتحدة.
إنّ المبارزات بين المتشددين في الطرفين، وتعطيلهم لانعقاد جلسة واحدة مشتركة على مدى أسبوع عمل كامل في جنيف، يوضح بشكل قاطع المحاولة البائسة لتكرار مسرحية التعطيل بفصولها المتوالية في جنيف. تعطيل الجولة الثانية، أدى إلى تأجيل الجولة الثالثة التي كانت مقررة في 16 من الجاري إلى أجل غير مسمى ضمن سعي مكشوف لإدخال اللجنة ككل في حالة استعصاء، وذلك بالتوازي مع تعمق المأساة السورية على المستوى الاقتصادي المعيشي بشكل متسارع، مع ظهور إشارات واضحة لتوترات اجتماعية شديدة الخطورة، من شأنها في حال استمرت الأزمة أن تفتح الباب على مختلف أنواع الاحتمالات الخطرة على البلاد ووحدتها وشعبها.
كل ذلك يعيد التأكيد على أنّ المتشددين من الأطراف المختلفة، مرتاحون لبعد اللجنة جغرافياً عن سورية، ويعِّولون على هذا البعد بالذات، تارة في محاولة لفصل اللجنة عن القرار 2254 الذي سينفَّذ في نهاية المطاف في سورية وليس في سويسرا، وتارة في محاولة للهروب من استحقاقات القرار نفسه، والتي تفرض على كل الأطراف المتشددة التراجع عن طروحاتها السابقة وصولاً إلى الإقرار بضرورة التوافق على تسليم الشعب السوري زمام قراره ومصيره بعيداً عن محاولات كسر طرف للطرف الآخر، أو حتى عن محاولات الوصول إلى شكل ما من التحاصص بين النخب بعيداً عن إرادة الشعب السوري.
إنّ نقل اللجنة الدستورية إلى دمشق، يعني تفعيل دورها المرسوم لها منذ اللحظة الأولى في سوتشي، كمفتاح ضروري للحل السياسي عبر 2254. وأولئك الذين يعملون ضد نقلها، سواء عبر تذُّرعهم بالخوف رغم اقتران طلب النقل بالضمانات، أو عبر الصمت عن إبداء الرأي بالمسألة مع إيحاء شكلي بالموافقة دون اقتران ذلك بأي فعل أو قول علني، إنما يعملون بالضد من تنفيذ القرار 2254، وبالضد من ثلاثي أستانا بكل مكوناته، والذي من مصلحته إطفاء النيران السورية التي يُدفِّئ الأمريكي عظامه الباردة عليها...
إنّ نقل اللجنة الدستورية إلى دمشق، هو الخطوة الأولى نحو إدماج الشعب السوري ذي التاريخ الدستوري العريق، في تقرير مصيره ومصير بلاده، وهو ابتعاد عن الوقوع في خطيئة وطنية كبرى في كتابة دستور البلاد خارجها، هذا إنْ كان ممكناً أصلاً التوافق على كتابته في جنيف!
بناء على ذلك كلّه، فإنّ كل الأطراف السورية، مطالبة اليوم بإعلان موقفها الصريح من نقل اللجنة إلى دمشق، سواء تلك الأطراف الصامتة عن الموضوع وتساهم تالياً بتعطيله، أو الأطراف التي تدفع بمخاوفها باعتبارها ذرائع في مواجهة النقل، لكي يتم التعامل مع تلك المخاوف عبر الضمانات، وإلّا فلتعلن أمام السوريين أنها ضد النقل من حيث المبدأ، وأنها هانئة مطمئنة في أماكنها، وليست مستعجلة على إنهاء عذاباتهم...!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 943