الولع بالنفط السوري
عروة صعب عروة صعب

الولع بالنفط السوري

لم يخف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ولعه بالنفط، معلناً حبه للنفط السوري في أكثر من مناسبة، وأنه سيأخذ حصة الولايات المتحدة منه (على حد قوله).

تلك التصريحات فتحت باب التساؤلات حول غياب الحديث عن النفط السوري طوال الفترات الماضية والدراسات الموجودة عن آبار النفط السورية، وما فيها من احتياطي قد ينهض بسورية بشكل غير مسبوق إذا ما استثمر بشكل جيد.

تاريخ النفط والغاز السوريين

بدأت أعمال البحث والتنقيب عن النفط والغاز في سورية عام 1933. وفي عام 1956 تم أول تدفق تجاري من النفط في تركيب كراتشوك، وبدأ إنتاج النفط في سورية في أيار من عام 1968 بوصول أول برميل من النفط إلى ميناء طرطوس. وفي قطاع الغاز بدأت الشركة السورية للنفط باستثمار الغاز المرافق لتوليد الطاقة الكهربائية منذ عام 1975،
وازداد النشاط الاستكشافي للشركة ليمتد إلى المناطق الوسطى والشرقية، بعد أن كانت محصورة في الشمالية والشمالية الشرقية، وأصبح الغاز يشكل أحد مصادر الطاقة الرئيسة. وابتداءً من عام 1984 اكتشف النفط الخفيف في دير الزور بعد أن كانت معظم الاكتشافات قبل عام 1984 من النفط الثقيل.

التنقيب والاستكشاف

كان نشاط التنقيب عن النفط في سورية محصوراً بالشركات الأجنبية إلى أن صدر – القانون رقم 167 لعام 1958 الذي أحدثت بموجبه الهيئة العامة لشؤون البترول، حيث أعطى المشرّع للهيئة صلاحية القيام بأعمال التنقيب والإنتاج، إضافة إلى مهامها الأخرى في مجال التكرير والنقل وشراء المشتقات النفطية.
وفي عام 1964 صدر المرسوم التشريعي رقم 132 الذي حظر منح ترخيص للتنقيب والاستثمار للشركات الأجنبية وحصرها بحق الدولة.
تم إصدار المرسوم التشريعي رقم 9 لعام 1974 والذي أحدثت بموجبه الشركة السورية للنفط، وتحتل أحد أهم المراكز الاقتصادية، إذ إن وارداتها تشكل أكثر من 50% من الدخل القومي (حسب موقع الوزارة).

تاريخ الاستكشاف والحفر

قامت الشركة بالمشاركة والإشراف على وضع الخارطة الجيولوجية للقطر بموجب عقد تعاون مع الاتحاد السوفيتي.
نفذت الشركة السورية للنفط أعمال الحفر الاستكشافي والإنتاجي، إلا أنه بسبب اكتشاف النفط والغاز التجاري في أواسط وشرق وشمال شرق البلاد فقد تركزت أعمال الحفر ضمن هذه المناطق. تم تنفيذ أعمال الحفر التنقيبي في /343/ تركيبـاً حتى العام 2003 نفذت منها الشركة السورية للنفط /192/ تركيباً والباقي حفرت من قبل الشركات الأجنبية. تشكل التراكيب المحفورة حالياً نسبة 39% من مجمل التراكيب المكتشفة. تم فتح بعض المناطق أمام الشركات النفطية الأجنبية للعمل الاستكشافي.
بدأ الإنتاج الأولي للنفط في سورية عام 1967. أما الإنتاج الفعلي فقد بدأ سنة 1968 بعد أن تم إنشاء أول محطة ضخ في تل عدس شمال شرق سورية.

الإنتاج قبل الحرب

وذكر موقع «أويل برايسز» (المختص في أخبار النفط والطاقة ومقره بريطانيا)، الشهر الماضي أن إجمالي الاحتياطي النفطي في سورية يقدر بنحو 2,5 مليار برميل، وما لا يقل عن 75% من هذه الاحتياطيات موجودة في الحقول المحيطة بمحافظة دير الزور شرقي سورية.
وكانت «قوات سورية الديمقراطية» (قسد)، التي تسيطر على أغلب آبار النفط منذ عام 2017 قد باعت برميل النفط الخام بـ30 دولاراً يومياً، بحسب المصدر نفسه.
وكان النفط السوري يقدر إنتاجه بنحو 380 ألف برميل نفط يومياً قبل اندلاع الحرب، وقدرت ورقة عمل صدرت عن صندوق النقد الدولي عام 2016 أن الإنتاج تراجع إلى 40 ألفاً فقط منذ عام 2011.
لا شك أن قطاع النفط كان من أكثر القطاعات تضرراً من جراء الحرب، فقد قدرت وزارة النفط خسائره بأكثر من 62 مليار دولار حتى عام 2017.
حيث بلغ إنتاج وزارة النفط خلال النصف الأول من ذلك العام 2011، 70,092 مليون برميل من النفط الخفيف والثقيل والمكثفات، وبمعدل يتجاوز 380 ألف برميل وسطياً في اليوم، وبزيادة 957 برميلاً يومياً عن متوسط الإنتاج في النصف الأول من عام 2010.
أما إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في النصف الأول من عام 2011 فقد بلغ 5,4 مليارات متر مكعب، بمعدل يومي 30,2 مليون متر مكعب، بزيادة مقدارها 3 ملايين متر مكعب في اليوم عن إنتاج النصف الأول من عام 2010.

آبار النفط

تمتاز المنطقة الشرقية على الحدود العراقية السورية، بالإضافة إلى القريبة من الحدود التركية، بتركُّز أغلب النفط السوري المكتشف حسب المواقع الرسمية فيها، حيث تحتوي محافظة دير الزور على أكبر الحقول النفطية، والذي يُعرف باسم «حقل العمر».
كما يوجد «حقل التنك» في ريف دير الزور الشرقي، بالإضافة إلى حقول الورد، والتيم، ومحطة (T2)، وهي على خط النفط العراقي السوري، والجفرة، وكونيكو.
وتضم محافظة الحسكة حقل «رميلان»، أحد أبرز الحقول في سورية، والذي يحتوي على 1322 بئراً، بالإضافة إلى وجود نحو 25 بئر غاز، وتقع تلك الحقول في مناطق الشدادي والجبسة والهول، بريف الحسكة الجنوبي، بالإضافة إلى الحقول الواقعة بالقرب من منطقة مركدة وتشرين كبيبية، بريف الحسكة الغربي. أما محافظة الرقة فتضم آباراً نفطية صغيرة وقليلة.
كما يضم الريف الشرقي لمحافظة حمص «حقل الشاعر»، ويقدر إنتاجه من الغاز بـ3 ملايين متر مكعب يومياً.
ويضم ريف حمص بمنطقة تدمر أيضاً حقول: الهيل، وآراك، وحيان، وجحار، والمهر، وأبو رباح، إضافة إلى وجود حقول نفطية يستخرج منها نحو 9 آلاف برميل يومياً.
تمتلك سورية احتياطياً بحرياً من الغاز يقدر بـ250 مليار متر مكعب.
وفي عام 2008، كان ترتيب سورية في احتياطي الغاز في المرتبة 43 عالمياً، بواقع 240,7 مليار متر مكعب، حسب “List of countries by natural gas proven reserves”، في الوقت نفسه احتلت المرتبة 31 باحتياطي البترول.
أما في عام 2017 فإن الاحتياطي السوري من الغاز في منطقة تدمر، وقارة، وساحل طرطوس، وبانياس، هو الأكبر بين ست دول، وهذا يجعل سورية، في حال استخراج هذا الغاز، «ثالث بلد مصدر للغاز في العالم»، بحسب الوكالة.
وفقاً لتصريحات لرجل أعمال أمريكي يعمل في غلوبال ديفيلوبمنت كوربوريشن (GDC)- تستطيع الإدارة الذاتية التابعة لـ «قوات سورية الديمقراطية» إنتاج أربعمئة ألف برميل في حال استثمر بشكل صحيح.
يصل الإنتاج، بحسب بيانات وزارة النفط والثورة المعدنية، إلى 5,560 مليارات م3 من مادة الغاز الطبيعي، و42340 طناً من الغاز المنزلي، و51866 مليون م3 من الغاز النظيف.
ويرتفع إنتاج النفط من أقل من 10 آلاف برميل نفط يوميا عام 2016 لنحو 25 ألف برميل نفط يوميا حالياً، مع توقعات بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط علي غانم، إلى نحو 60 ألف برميل يومياً من النفط و19 مليون م3 من الغاز في نهاية العام الجاري.

الصراع على الثروات السورية

تسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على أغلب حقول النفط السورية. وقد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام أنصاره في مسيسيبي: سنحتفظ بالنفط السوري ونوزعه. حيث قال أثناء حديثه عن النفط السوري: «ما أعتزم القيام به ربما يكون عقد صفقة مع شركة إكسون موبيل أو إحدى كبرى شركاتنا للذهاب إلى هناك (سورية)، والقيام بذلك بشكل صحيح.. وتوزيع الثروة».
وسبق أن تعهد ترامب بأن بلاده لن تسمح لتنظيم الدولة الإسلامية، الذي يتشكّل مجدّداً، بالاستيلاء على حقول النفط شمال شرقي سورية، مضيفاً أنه سيحتفظ بـ«عدد صغير» مِن القوات الأمريكية في سورية.
ودخلت تعزيزات أمريكية كبيرة إلى سورية واتجهت إلى القواعد الأمريكية القريبة من حقول النفط والغاز في محافظتي دير الزور والحسكة شرقي البلاد.
ونقلت وكالة «رويترز» عن بروس ريدل، المستشار السابق في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض والباحث في معهد بروكينغز قوله: «هذه ليست خطوة قانونية مريبة فحسب، بل إنها تبعث كذلك رسالة إلى المنطقة بأسرها والعالم بأن أمريكا تريد سرقة النفط».
ويرى مراقبون أن إدارة ترامب تحاول جعل أفضل الموارد النفطية للبلاد رهينة من أجل استخدامها عملة للمقايضة؛ خلال تسوية سياسية للوضع السوري.

معلومات إضافية

العدد رقم:
942
آخر تعديل على الإثنين, 02 كانون1/ديسمبر 2019 13:55