مؤشرات الجوع وانعدام الأمن الغذائي في سورية لعام 2024

مؤشرات الجوع وانعدام الأمن الغذائي في سورية لعام 2024

أصدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة OCHA تقريره السنوي تحت عنوان: «نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024»، الذي سلّط الضوء على مستجدات الوضع في سورية عموماً خلال عام 2024. في هذا العدد، نركز على الجانب المتعلق بواقع قطاع الزراعة والأمن الغذائي في البلاد، والأضرار التي لحقت به عموماً.

وفقاً للتقرير، فإن وضع الأمن الغذائي في سورية يستمر في التدهور. ويحتاج ما يقدر بنحو 15,447,379 مليون شخص (نحو 66% من السكان) إلى الغذاء أو دعم سبل العيش والمساعدات الزراعية. وتستند هذه التقديرات إلى تقييم على مستوى البلاد لأكثر من 42,000 أسرة، مما يظهر زيادة في انعدام الأمن الغذائي مقارنة بالعام الماضي.
ويحتاج ما لا يقل عن 12.9 مليون شخص إلى المساعدات الغذائية، بما في ذلك أكثر من 2.1 مليون شخص يعيشون في المخيمات، ويواجه 2.6 مليون إضافيين خطر انعدام الأمن الغذائي الموشك. حيث من المرجح أن تظل العوامل الدافعة لانعدام الأمن الغذائي قائمة في عام 2024، في ظل استمرار العوامل المؤدية لانعدام الأمن الغذائي ذاتها، وعلى رأسها السياسات الحكومية.

45% من السكان يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل

يعد تقديم المساعدة الزراعية الطارئة لعدد كبير من المزارعين الذين كانوا في عداد الأكثر تضرراً من انخفاض الإنتاج الزراعي أمراً بالغ الأهمية لمعالجة انعدام الأمن الغذائي في سورية.
ورغم كل الصعوبات والتحديات، يظل القطاع الزراعي أحد المحركات الأساسية لانعاش الاقتصاد السوري، باعتبار سورية بلداً زراعياً من الدرجة الأولى. ويعتمد نحو 45% من السكان على الزراعة كمصدر أساسي للدخل.

1167c

67% من سكان سورية غير مكتفين غذائياً

خلال عام 2023، أثر انخفاض مستويات المساعدات الغذائية وارتفاع الأسعار على وضع الأمن الغذائي للأسر الأكثر ضعفاً في البلاد. وخلال هذه الفترة، أبلغ «نظام الرصد عن بعد» التابع لبرنامج الأغذية العالمي عن اتجاه للتدهور في استهلاك الأسر المعيشي، حيث أفاد أن حوالي 67% من السكان السوريين عانوا من عدم كفاية استهلاك الغذاء، كما أبلغ 1.96 مليون شخص إضافي عن عدم كفاية الاستهلاك في الأشهر الثلاثة الماضية.
وتتوقع خريطة الجوع، المستمدة من بيانات الرصد عن بعد، ارتفاعاً مستمراً في عدم كفاية استهلاك الغذاء في الأشهر المقبلة.

1167e

تركز الاحتياجات الغذائية: 7 محافظات هي الأشد احتياجاً

تنتشر الاحتياجات الغذائية على نطاق واسع في جميع أنحاء سورية، وتتركز بشكل كبير في إدلب (تشير التقديرات إلى أن 73% من سكان المحافظة بحاجة إلى مساعدات غذائية)، والحسكة (71%)، والقنيطرة (65%)، وحماة (59%)، والرقة (59%)، وحلب (58%)، ودير الزور (50%).
وظلت هذه المحافظات متأثرة بعدم استقرار الوضع الأمني والأزمة الاقتصادية واسعة النطاق. وتعود معدلات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة في محافظات الحسكة والقنيطرة ودير الزور والرقة وحماة إلى عقود من الحرب التي تفاقمت بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والزراعي مما أثر بشدة على سبل عيش الناس.

الليرة مقابل الدولار:من 8.5 ألف إلى 11.5 ألف

قام مصرف سورية المركزي بتخفيض قيمة الليرة أربع مرات خلال عام 2023. وحدث آخر تخفيض في نهاية شهر تشرين الأول 2023، حيث وصل سعر الصرف إلى 11,557 ليرة سورية للدولار الواحد، مقابل 8,542 ليرة سورية في بداية عام 2023.
وانخفضت قيمة العملة بنسبة 56% (على أقل تقدير) في السوق السوداء منذ بداية العام، و75% على مدى عامين، و83% على مدى ثلاث سنوات. وبحلول تشرين الثاني 2023، تم تداول الليرة السورية في السوق السوداء بمعدل يقارب 14 ألف ليرة سورية للدولار.
بالإضافة إلى ذلك، وبما أن سورية قد تحولت بفعل السياسات الرسمية إلى دولة تعتمد بشكل كبير على استيراد الغذاء، فقد أدى انخفاض قيمة العملة إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية.
وفي تشرين الأول 2023، زادت تكلفة السلة الغذائية لعائلة مكونة من خمسة أفراد بنسبة 100% مقارنة ببداية العام. كما تضاعفت التكلفة أربع مرات خلال عامين. ورغم تضاعف الحد الأدنى للأجور الشهري إلى 187,940 ليرة سورية في شهر آب 2023، إلا أن انخفاضاً كبيراً جرى في القوة الشرائية مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
فوق ذلك، صعبت العقوبات والقيود الاقتصادية والمالية للغاية من استيراد المعدات التقنية اللازمة ولوازم الصيانة وإعادة الإعمار والبنية التحتية لتقديم المساعدة الفنية للقطاع الزراعي والمساهمة في معالجة ركائز الأمن الغذائي التي تأثرت جميعها بعوامل مركبة مثل تعطل حركة السلع الأساسية، وتعقيد المدفوعات الدولية، وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، وإعاقة صحة الماشية، والقيود المفروضة على إنتاج الكيماويات الزراعية، وأزمة الوقود والطاقة. تؤدي هذه الزيادة في تكاليف الإنتاج إلى تآكل هوامش ربح المزارعين وتحد من قدرتهم على الاعتماد على الزراعة.

التراجع غير المسبوق في الإنتاج الزراعي وأسبابه

لا يزال الإنتاج الزراعي، وخاصة القمح، لا يلبي الاحتياجات الوطنية الكاملة وهو أقل بكثير من متوسط الإنتاج على المدى الطويل ومتوسط ما قبل الأزمة. وينطبق ذلك أيضاً على إنتاج المحاصيل الأخرى، خاصة الخضروات والبقوليات والمحاصيل والفواكه، بالإضافة إلى الإنتاج الحيواني.
وتشمل العوامل الدافعة لانخفاض الإنتاج الزراعي التدهور المستمر للوضع الاقتصادي، وانخفاض كل من سعر الصرف والقوة الشرائية لمعظم الأشخاص المشاركين في سبل العيش المعتمدة على الزراعة، وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي وانخفاض جودة البذور المتاحة، والعوامل الجوية غير المناسبة، ونقص المياه. وندرة وتدمير شبكات الري والقنوات، وندرة إمدادات الطاقة وخاصة الوقود والكهرباء لمختلف الأنشطة الزراعية، مما يؤثر على سلاسل التوريد وتكاليف النقل، ويؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج.

1167d

وتسببت زلزال شهر شباط 2023 في أضرار جسيمة للبنية التحتية (بما في ذلك ما يتعلق بالزراعة) وتسببت في نزوح أعداد كبيرة من المدن في المحافظات المتضررة نحو المناطق الريفية مما ضغط على موارد الأسرة ومدخراتها وذلك بالنسبة للأسر المتضررة من الزلزال والأسر والمجتمعات المضيفة. وأظهر «تقرير الرصد عن بعد» الصادر في شهر آذار 2023 أن حوالي 63% من الأسر في المواقع المتضررة من الزلزال كانت تعاني من عدم كفاية الاستهلاك الغذائي، مما أثر بشكل كبير على أمنها الغذائي.
كما دمرت حرائق الغابات التي طالت عدة مناطق في المحافظات الوسطى والساحلية محاصيل آلاف الهكتارات من الأراضي الحرجية والزراعية، وتسببت في خسارة أصول الإنتاج الزراعي، وسيكون لها تأثير بيئي سلبي طويل المدى.
وتأثرت الحالة الصحية والتغذوية للماشية بانخفاض إمكانية الوصول إلى المراعي، وارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية، وتعطل سلاسل التوريد الخاصة بها، وعدم توفر الخدمات البيطرية العامة، والتكاليف المرتفعة نسبياً للمصادر الخاصة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1167
آخر تعديل على الإثنين, 08 نيسان/أبريل 2024 10:48