أرقام تحكي مأساة: عينة من بعض خسائر الحرب في سورية
أصدرت مجموعة البنك الدولي مؤخراً نتائج تقييمها العام لتقدير بعض الأضرار في سورية نتيجة الحرب، وقدمت عرضاً عاماً لبياناتها التي تغطي الأضرار التي لحقت بقطاعات محددة تمكنت من دراستها حتى نهاية العام 2022، وانعكاس هذه الأضرار على وضع البنية التحتية المادية والسكان ووضع الخدمات في الأماكن التي شملها التقييم.
أدت الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية المادية وتدهور الخدمات العامة والمخاطر المتزايدة الناجمة عن الصراع إلى فرار ملايين السوريين من البلاد، مما أدى إلى انخفاض عدد السكان بنسبة 18% تقريباً ليصل عددهم إلى 17.5 مليوناً وفقاً لنشرة «التوقعات السكانية في العالم 2019» الصادرة عن شعبة السكان التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة. ناهيك عن نزوح ما لا يقل عن 6.7 مليون شخص داخل البلاد (حتى عام 2021).
وبحلول شهر أيلول 2021، كانت الأزمة قد أودت بحياة أكثر من 350,200 شخص (وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة)، كما يحتاج نحو 13.4 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، بمن فيهم 5.9 مليون شخص بحاجة شديدة للمساعدة.
الأضرار القطاعية ودمار البنى التحتية
قسّم التقييم المذكور القطاعات المدروسة على الشكل التالي: البنية التحتية المادية (تشمل الكهرباء، والنقل، والزراعة، والخدمات البلدية، والتراث الثقافي، وخدمات المياه، والصرف الصحي، والنظافة الصحية)، والقطاعات الاجتماعية (تشمل التعليم، والصحة، والسكن)، والقطاعات المشتركة (تشمل المؤسسات العامة، والبيئة).
أما المدن التي شمل التقييم بعض الأضرار فيها، فهي: عفرين، حلب، درعا، داريا، دير الزور، الحسكة، حمص، إدلب، منبج، تدمر، الرقة، الرستن، تل أبيض، الزبداني.
وقبل عامين، أي في بداية العام 2022، قُدر إجمالي حجم الأضرار في المدن والقطاعات التي شملها التقييم (وفقاً للقطاعات المذكورة في الفقرة السابقة فقط، ولا تمثل الخسائر النهائية للحرب)، بمبلغ يتراواح من 8.7 مليار دولار، إلى 11.4 مليار دولار في القطاعات التي تمت دراستها فقط. واعتمدت هذه التقديرات على التكاليف المتباينة لاستبدال الوحدات المتضررة (لتحاكي تكاليف الاستبدال التي كانت معتمدة قبل انفجار الأزمة في 2011).
ومن إجمالي الأضرار المقدّرة، كان 68% من الضرر، أو ما تتراوح قيمته من 5.8 إلى 7.8 مليار دولار في قطاعات البنية التحتية المادية، و30% أو ما تتراوح قيمته من 2.7 إلى 3.3 مليار دولار في القطاعات الاجتماعية، و2% أو ما تتراوح من 175 إلى 278 مليون دولار في القطاعات المشتركة.
وفي قطاعات البنية التحتية المادية، كانت سلاسل القيمة الغذائية الزراعية هي القطاع الفرعي الأكثر تضرراً (حيث تكبد القطاع الزراعي ما نسبته 50% أو ما يعادل 3.4 مليار دولار من إجمالي الأضرار التي لحقت بقطاع البنية التحتية المادية) وخصوصاً في أنظمة الري. وتبع ذلك قطاع النقل الذي تكبد نحو 22% من إجمالي الضرر (1.2 إلى 1.7 مليار دولار)، ثم الكهرباء (ما نسبته 18% من إجمالي الأضرار أو ما يتراوح بين 800 مليون إلى 1.6 مليار دولار.
أضرار «القطاع الاجتماعي»: السكن والتعليم والصحة
تعرض قطاع الإسكان إلى أكبر قدر من الضرر (86% من إجمالي أضرار القطاع الاجتماعي، أو ما يتراوح من 2.3 إلى 2.8 مليار دولار)، يليه قطاع الصحة (13% من إجمالي أضرار القطاع الاجتماعي، أو ما يتراوح من 346 مليون دولار إلى 423 مليون دولار).
أما بالنسبة للتعليم (1 % من إجمالي أضرار القطاع الاجتماعي) فقد تعرض إلى ما يتراوح بين 25 إلى 38 مليون دولار.
تقديرات الأضرار الأكبر حسب المدن السورية
يكشف تحليل حجم الأضرار في المدن أن مدينة حلب تعرضت للقدر الأكبر من الضرر، تليها مدن إدلب وحمص والرقة. وتركز القدر الأكبر من الضرر المقدر المرتفع في حلب في قطاعات الكهرباء والصحة والنقل.
أما مدينة إدلب، فقد تركز الضرر فيها في قطاعات الكهرباء والإسكان. وفي مدينة حمص، تكبد قطاعا الإسكان والصحة القدر الأكبر من حجم الضرر. وأخيراً في الرقة، كانت قطاعات الإسكان والمياه والصرف الصحي هي القطاعات الأكثر تضرراً.
أضرار قطاع النقل: 1.45 مليار دولار وسطياً
تتراوح التقديرات الإجمالية للأضرار التي لحقت بقطاع النقل من 1.2 إلى 1.7 مليار دولار. فقد تعرض ما يقارب 11% من إجمالي طول الطرق الدولية السريعة والطرق السريعة الداخلية والشوارع الرئيسة والفرعية والجسور في 14 محافظة لأضرار بليغة. وقد حدث 85% من مجمل الأضرار في الطرق الرئيسة والفرعية.
ولوحظ أن ما نسبته 65% من إجمالي الأضرار التي لحقت بالطرق والشوارع الرئيسة والجسور في البلاد كان في ثلاث مدن هي (الرقة، وإدلب، وحمص)، وقد استحوذت الرقة وحدها على 42% من إجمالي الأضرار التي لحقت بالطرق والجسور في المدن التي شملها التقييم.
الأضرار في قطاع الكهرباء: 1.2 مليار دولار وسطياً
تكبد قطاع الكهرباء أضراراً تراوحت قيمتها بين 804.2 و1,621 مليون دولار في 14 مدينة تمت دراستها. وكانت أغلب الأضرار في حلب وإدلب، حيث تضررت البنية التحتية للكهرباء في حلب بنسبة 28%، في حين بلغت نسبة الضرر في إدلب نحو 60%. ونحو 6% من المرافق دمرت بالكامل.
إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي
تقدر قيمة الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والبنية التحتية للصرف الصحي في 14 مدينة من 124 إلى 379 مليون دولار. وتضررت البنية التحتية المادية الرئيسة لقطاع المياه خلال الصراع، إذ تضرر نحو 17% من الأصول، كانت في الغالب آباراً وأبراجاً وخزانات مياه، ولا سيما في حلب وإدلب.
ورغم أن معظم البنية التحتية المتبقية لم تتضرر، إلا أن القدرة التشغيلية لنحو 51% منها تراجعت، بما في ذلك 11% لا تعمل كلياً. وهي مشكلة كبيرة بالنسبة للمدن الأكثر تضرراً. وانتشر بنتيجة ذلك البدلاء من مقدمي الخدمات الذين يقومون بتوفير المياه المنقولة بالصهاريج، وبتكاليف عالية، ودون أي ضوابط بشأن مصدر المياه ونوعيتها.
سلاسل القيمة الزراعية الغذائية
أسفرت سنوات الحرب عن أضرار تقدر قيمتها بنحو 3.4 مليار دولار في الصوامع والبنية التحتية والأصول الزراعية، بما في ذلك شبكات الري وأسواق الجملة في المناطق التي شملها التقييم.
وبالإضافة إلى هذه الأضرار، أدى نقص إمدادات المياه المستخدمة في الري، وقلة مدخلات الإنتاج، والقيود الأمنية، والتقلبات المناخية إلى خسائر في الإنتاج الزراعي من المحاصيل السنوية والدائمة، والثروة الحيوانية، وتربية الأحياء المائية، في ظل تراجع مستمر في الدعم الحكومي المقدم للقطاع الزراعي وللدعم الاجتماعي عموماً.
30 ألف بناء مدمّر في المناطق المدروسة
تشير التقديرات إلى أن الحرب قد أثرت على ما يصل إلى 210 آلاف وحدة سكنية من المناطق المشمولة بالتقييم، حيث تعرّضت نحو 30 ألف وحدة منها إلى تدمير كامل، في حين عانت 180 ألف وحدة من أضرار دون أن تتدمر بالكامل.
وخسرت مدينة حلب، وحدها، نحو 135 ألف وحدة سكنية بسبب الحرب، أي ما يعادل نحو 21% من المنازل الموجودة في المدينة، وما يعادل 70% من المساكن المتضررة في 14 مدينة مدروسة.
8% من المرافق الصحية مدمرة بالكامل
يتراوح إجمالي الأضرار المقدرة التي تكبدها قطاع الصحة في 14 مدينة شملها التقييم من 345 إلى 422 مليون دولار. وتعرضت نحو 28% من المرافق الصحية إلى أضرار جزئية، في حين يقدر أن 8% من المرافق الصحية قد تدمرت بشكلٍ كامل.
وتعرضت مدينة تدمر لأكبر قدر من الضرر، حيث تم الإبلاغ عن تضرر 3 من أصل 4 مرافق صحية، بينما خسرت داريا معظم مرافقها الصحية، حيث تعطلت 7 من أصل 8 مرافق.
ومن حيث نسبة الضرر، كانت دير الزور ثاني أكثر المدن تضرراً، حيث تعرضت 32 منشأة من أصل 43 لأضرار جزئية، أو تدمرت بشكلٍ كامل. بينما كانت تدمر هي الأكبر من ناحية المرافق التي تعرضت لتدمير كلي. وفي المدن الـ 14 التي شملها التقييم، لا يزال يعمل 62% فقط من المرافق الصحية.
حلب الأعلى من حيث دمار المرافق التعليمية
تتراوح قيمة إجمالي الأضرار المقدرة التي تكبدها قطاع التعليم في المدن التي شملها التقييم من 25.3 إلى 37.9 مليون دولار، وتعرضت نحو 13% من المرافق التعليمية إلى أضرار جزئية، في حين يقدر أن 5% من المرافق قد تدمرت بالكامل.
وتكبدت تدمر القدر الأكبر من الضرر، إذ تبين من خلال التقييم أن ما نسبته 87% من المرافق التعليمية في المدينة قد تضررت وأنها لا تعمل. وكانت الرقة ثاني أكثر المدن تضرراً، حيث تضررت 57% من المرافق بشكلٍ جزئي أو تدمرت بشكلٍ كامل. في حين كانت حلب هي الأعلى من حيث نسبة المرافق التعليمية المدمّرة بالكامل (15%).
أضرار المؤسسات العامة: منبج وتدمر والرقة
تتراوح قيمة الأضرار المقدرة التي تكبدتها المؤسسات العامة من 7 إلى 8.5 ملايين دولار في 14 مدينة مُدرجة في التقييم. فقد تضررت نحو 10% (13 من أصل 127) من المرافق التي تم تقييمها (مكاتب البريد، والمحاكم، والمباني الإدارية، والمرافق الإدارية على صعيد المحافظات، ومراكز الشرطة، وما إلى ذلك)، في الـ 14 مدينة التي شملها التقييم جراء الحرب، حيث تعرض 2% منها إلى دمار كامل، في حين تعرض 8% إلى أضرار جزئية.
وكانت مدن منبج وتدمر والرقة هي المدن الأكثر تضرراً في هذا الصدد، وعلى نحو أكثر تفصيلاً، تعرّضت 3 من أصل 9 منشآت في الرقة إلى تدمير كامل، في حين تعرضت واحدة من أصل 3 منشآت في منبج وواحدة من أصل 3 منشآت في تدمر إلى أضرار جزئية.
أما المدن الأخرى التي تعرضت فيها المؤسسات العامة إلى أضرار كبيرة فهي: الزبداني (25% من المرافق التي تم تقييمها)، إدلب (13%)، دير الزور (13%)، حلب (13%)، درعا (4%).
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1162