بيل غيتس يفشل ثمّ يكذب ويزيّف الحقيقة
50 منظمة زراعية عالمية 50 منظمة زراعية عالمية

بيل غيتس يفشل ثمّ يكذب ويزيّف الحقيقة

قامت 50 منظمة- تركز على السيادة الغذائية والعدالة في جميع أنحاء العالم- بنشر رسالة مفتوحة إلى بيل غيتس، رداً على تعليقه عن الحالة العالمية للزراعة وانعدام الأمن الغذائي، وأبرز ما جاء فيها:

ترجمة: قاسيون

بيل غيتس، لقد قمت بتقديم عدد من الادعاءات غير الدقيقة والتي تحتاج إلى رد. اعترفت بأنّ العالم ينتج حالياً ما يكفي من الغذاء لإطعام جميع سكان الأرض، ومع ذلك تستمر في تعمّد إظهار المشكلة بشكل خاطئ، وبكونها تتعلق بالإنتاجية المنخفضة. لا نحتاج لزيادة الإنتاج بقدر ما نحتاج إلى ضمان توزيع ووصول أكثر عدلاً للغذاء. علاوة على ذلك، هناك عدّة تشوهات محددة في حديثك يجب معالجتها: 1) الحاجة المفترضة لـ«ائتمان الأسمدة، الأسمدة الرخيصة» لضمان الإنتاجية الزراعية. 2) تكرار «الثورة الخضراء» في منتصف العشرينيات من القرن الماضي بهدف معالجة مشكلة الجوع. 3) البذور «الأفضل» هي التي تنتجها الشركات الكبيرة، ولهذا هي مطلوبة للتعامل مع تغير المناخ.
أولاً: تساهم الأسمدة الاصطناعية بنسبة 2٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهي المصدر الأساسي لانبعاثات أكسيد النتروز. كما أنّها تجعل المزارعين والدول المستوردة تعتمد على الأسعار المتقلبة في الأسواق الدولية، وهي سبب رئيسي في ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمي. ومع ذلك أنت تدّعي أنّ هناك حاجة للمزيد من الأسمدة لزيادة الإنتاجية الزراعية ومعالجة الجوع. تعمل المنظمات والمزارعون في أماكن مختلفة من العالم على تطوير أسمدة حيوية مصنوعة من السماد العضوي والمركبات النباتية.
ثانياً: كانت «الثورة الخضراء» بعيدة كلّ البعد عن النجاح المبهر. ففي حين أنّها لعبت دوراً ما في زيادة غلّة محاصيل الحبوب في المكسيك والهند وأماكن أخرى من الأربعينيات إلى الستينيات من القرن الماضي، إلّا أنّها لم تفعل شيئاً يذكر لتقليل عدد الجياع في العالم، أو لضمان الوصول العادل والكافي إلى الغذاء. كما جلبت معها مجموعة من المشكلات الأخرى، بدءاً من القضايا البيئية، مثل: تدهور التربة على المدى الطويل، وصولاً إلى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، مثل: زيادة اللامساواة والمديونية– وهما اللتان كانتا مساهمتين رئيسيتين في انتشار وباء انتحار المزارعين في الهند. يُظهر دعمك المطلق «للثورة الخضراء الجديدة» جهلاً متعمداً بالتاريخ، وبالأسباب الجوهرية للجوع.
ثالثاً: البذور المرنة لتغيّر المناخ موجودة بالفعل، ويقوم المزارعون بتطويرها ويتداولونها بالفعل في أسواق البذور غير الرسمية. الذرة الرفيعة التي قمت بوصفها بأنّها «محصول يتيم» هي من بين المحاصيل الراسخة التي تتكيّف مع المناخ. ورغم ذلك فمعظم الاستثمارات التي أجرتها منظمتك «أغرا AGRA» كانت في الذرة والأرز، وليس في الحبوب المكيّفة محلياً والمغذية، مثل: الذرة الرفيعة. إذا ما أخذنا منظمتك «أغرا» كنموذج، فأنت جزء من المشكلة ذاتها التي تدعي البحث عن حلول لها، فقد ساهمت بشكل رئيسي في وضع قوانين تقييدية للبذور تحدّ من القدرة على ابتكار المحاصيل، وتجعلها احتكاراً للشركات والمختبرات الثرية. إنّ كلّ ما فعلَته منظمتك هو المساهمة في الخصخصة وتعزيز احتكار الشركات لسوق البذار وتطويرها، وليس زيادة الابتكار على نطاق واسع كما تدّعي.
أخيراً، حديثك عن أنّ منتقدي أسلوبك «يغنون» بدلاً من تطوير حلول ذات مغزى وقابلة للتمويل، هو حديث غير محترم وغير صحيح. هناك بالفعل العديد من المقترحات والمشاريع الملموسة الجارية التي تعمل على تعزيز الإنتاجية والأمن الغذائي التي يقودها المزارعون، بدءاً من الأسمدة والمبيدات الحيوية مروراً ببرامج تدريب الفلاحين على الزراعة البيئية، وصولاً إلى تجارب تقنيات إدارة المياه والتربة الجديدة، وأنظمة الزراعة منخفضة المُدخلات وردع الآفات النباتية. محاولتك الإشارة إلى هذه الجهود بوصفها خيالية أو سخيفة هي محاولة لتسويق مناهجك وحلولك الشركاتية على أنّها هي الحلول العملية. لكنّ الحلول عالية التقنية التي تفضلها، بما في ذلك الهندسة الوراثية والزراعة الرقمية هي التي فشلت باستمرار في الحد من الجوع، أو زيادة الوصول إلى الغذاء كما كنت تعد.
قمتَ عبر حديثك بتبسيط القضايا المعقدة بطريقة تبرر نهجك وتدخلاتك. أنت تهلل لكون إفريقيا أقل تكلفة للعمالة والأرض، ونسيت أنّ تكاليف الأرض والعمالة والبنى التحتية يتمّ إنتاجها اجتماعياً وسياسياً. إنّ إفريقيا في الحقيقة مكانٌ شديد الإنتاج، ولكنّ واقع الحال في إفريقيا هو من إنتاج تحقيق الأرباح منها، ولخارجها عبر الاستعمار والنيوليبرالية ومصائد الديون والأشكال الأخرى من النهب القانوني، التي قللت من قيم الحياة والبيئات والأجساد الإفريقية، وحولتها إلى سلع لمنفعة الآخرين. إنّ إفريقيا غير مكتفية ذاتياً لأنّ الزراعة والتعدين فيها، وغيرها من القطاعات كثيفة الاستخدام للموارد، تمّ تنظيمها بطرق تخدم الأسواق الاستعمارية، ثمّ الأسواق الدولية، بدل أن تخدم شعوب إفريقيا نفسها. قد لا تكون مسؤولاً مباشرة عن هذا، ولكنّك تعمل مع مؤسستك على مفاقمة المشكلة، وإدامة الوضع من خلال نهج زراعي مخصخص للغاية، وقائم على تحقيق أرباح أعلى للشركات.

بتصرّف عن:
An Open Letter to Bill Gates on Food, Farming, and Africa

معلومات إضافية

العدد رقم:
1097