ألمانيا تستمر بالبحث عن موارد غاز غير موجودة
فلاديمير دانيلوف فلاديمير دانيلوف

ألمانيا تستمر بالبحث عن موارد غاز غير موجودة

على مقياس 10 نقاط، وصلت أزمة الطاقة في أوروبا اليوم إلى 8 نقاط بالفعل، وتوقعات مخيفة من شركة ريستاد إنرجي الاستشارية الشهيرة. مع زيادة سوء حالة وضع الطاقة للاتحاد الأوروبي في الأيام الأخيرة، يزداد عدد المشاكل التي تواجه الأوروبيين بشكل مستمر. أوروبا اليوم خائفة جداً من التجمّد حتى الموت في الشتاء القادم، لأنّه من الواضح أنّ الشتاء سيكون مكلفاً للغاية بالنسبة للأوروبيين، والمستقبل غامض للغاية وغير مؤكد. وكما حاولت شبكة بلومبرغ أن تضيف كي تصف صعوبة الوضع في أوروبا، فأزمة الطاقة في الاتحاد الأوروبي تتفاقم بسبب الجفاف القياسي وجفاف الأنهار.

ترجمة: قاسيون

علاوة على ذلك، هناك استياء متزايد بين سكان القارة الأوروبية من سياسات حكوماتهم، التي باتباعها صراحة من واشنطن تعليمات «رهاب روسيا» أهملت المصالح الوطنية، وحكمت على مواطني أوروبا بأزمة مالية واقتصادية، وهي نفسها تُقيّد تدفق موارد الطاقة من روسيا بينما هي في أشدّ الحاجة إليها.
السخط الشعبي قويّ بشكل خاص في ألمانيا، حيث ذكرت وسائل الإعلام المحلية برعب حقيقي، أنّ جميع خطط المستشار شولتز قد فشلت، وأنّ السكان يستعدون لتغيير الحكومة. أكثر من 60٪ من الألمان غير راضين عن عمل المستشار أولاف شولتز وحكومته الائتلافية، وفقاً لاستطلاع إ. ن. س. إ، الذي أجري في 19 آب. تهاوت شعبية شولتز ليس فقط بسبب سياساته تجاه أوكرانيا، بل بسبب عدم قيامه بالعمل وفقاً للمصالح الوطنية في مسائل سياسات الغاز المرتبطة بروسيا. تعرضت سياسات المستشار التي تؤدي إلى دمار ألمانيا للانتقاد، وبدأ هذا يظهر للعلن. أمثلتها من اتحاد المهن في سكسونيا- انهالت في رسالة علنية نشرتها دير شبيغل. وخلال خطاب له في براندبرغ، صرخ الناس بهتاف: خائن للشعب... كاذب... اخرج. ضمن هذا السياق نقلت عدد من وسائل الإعلام الألمانية بأنّ شولتز قد يجبر على الاستقالة.
وعلى خلفية أزمة الطاقة المتفاقمة، يواصل القادة الأوروبيون– بناء على تعليمات واشنطن– سياستهم المعادية للروس، من خلال تقييد دخول المواد الهيدروكربونية الروسية إلى الأسواق الأوروبية، في الوقت الذي تحاول فيه عبثاً إيجاد بديل لها في البلدان والقارات الأخرى. هكذا خلقت أوروبا ضجة غير مسبوقة في أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية، ممّا حرم البلدان النامية من الغاز، وخلق أزمة طاقة حادة لها. وصل الأمر إلى محاولة الأوروبيين الحصول على الغاز الطبيعي المسال اليمني على خلفية وقف إطلاق النار، وذلك بعد توقف عمليات توريد الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2015.
علاوة على ذلك، وفقاً للإعلامي ديفيد شيبارد في مقالته لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، رأى رؤساء شركات النفط والغاز في الاتحاد الأوروبي أنه من الضروري حثّ النرويج على بيع الغاز بسعر أقل من السوق. لكن إذا حكمنا من خلال رد الفعل الصادر من أوسلو، فإن هذا لم يقابل بأي تعاطف هناك.
وعلى غرار ما حصل مع النرويج، كانت الحكومة الفرنسية متشككة في الفكرة الأوروبية عن إتمام بناء خط أنابيب غاز ميدكات، الذي يربط شبه الجزيرة الإيبيرية بوسط أوروبا، وذلك وفقاً لما ورد في صحيفة إل بايس. في ظلّ هذه الظروف، أصبحت الرحلات الشخصية- التي يقوم بها ممثلو النخبة السياسية والاقتصادية الأوروبية إلى مختلف البلدان الموردة للغاز- معياراً جديداً، حيث يتشاركون هدف استبدال شحنات الهيدروكربون الروسية التي حرموا أنفسهم منها.

توسّل الغاز غير الممكن

ألمانيا ليست استثناء هنا. فباعتراف الجميع، لم يكن هناك اختراق ملحوظ على هذا المسار حتّى الآن. على العكس من ذلك، بعد أن أعلن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك في آذار الماضي عن نيته عقد اتفاق طويل المدى مع قطر لتوريد غاز طبيعي مسال، أدّت زيارته للبلاد في آب إلى فشل كامل لهذه الخطط، وقررت قطر تزويد إيطاليا بالغاز بدلاً من ألمانيا، وفقاً لما ورد في الإعلام الألماني.
نتيجة لذلك، قرر المستشار شولتز أن يجرب حظه، هذه المرة في كندا. ومع ذلك فرحلته تثير الكثير من الأسئلة منذ البداية، حيث أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في 19 آب بأنّه لا توجد طريقة لمساعدة أوروبا في إمدادات الطاقة.
علاوة على ذلك، في حزيران، عرضت المجلة الألمانية Die Welt بالتفصيل بلغة شولتز الأم سبب عدم تمكن كندا من أن تصبح معقلاً لاحتياجات ألمانيا من الغاز في السنوات القادمة. على وجه الخصوص، أشارت إلى أن مدينة سانت جون الواقعة على الساحل الشرقي الوعر لكندا، حيث يوجد الميناء الوحيد للبلاد الذي يحتوي على محطة غاز طبيعي مسال، يمكن أن تكون مناسبة لمثل هذه الأغراض. ومع ذلك، عندما قرر شولتز وترودو التوقيع على اتفاقية بشأن إمدادات الغاز بحلول نهاية آب على هامش قمة مجموعة السبع في شلوس إلماو في بافاريا، كانت هناك عقبات كبيرة أمام إنهاء الصفقة حتى ذلك الحين. على وجه الخصوص، لا توجد حالياً بنية تحتية في كندا لتصدير الغاز الطبيعي المسال، أو بالأحرى لنقله عبر المحيط الأطلسي إلى ألمانيا. نعم، هناك محطة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال تديرها شركة ريبسول الإسبانية في سانت جون، والتي يمكن من حيث المبدأ تحويلها إلى محطة تصدير، لكن هذا سيستغرق من ثلاث إلى أربع سنوات على الأقل. لسوء حظّ شولتز، لا توجد حتى الآن محطات لتلقي الغاز الطبيعي المسال في ألمانيا. يتم تسليم الغاز هناك عبر بلجيكا وفرنسا وهولندا، على الرغم من أنه من المقرر بدء تشغيل محطتين هذا العام في ساكسونيا السفلى وشليسفيغ هولشتاين.
لذلك ليس من الواضح ما الذي كان يعتمد عليه شولز عندما نظم رحلته إلى كندا في 22 آب. وفي هذا الصدد، هناك تفسير واحد فقط- لقد أراد ببساطة الاستحمام هناك، نظراً للقيود التي فرضتها حكومته على الحد الأقصى لاستهلاك الطاقة، وتوفير الطاقة المفروض على المواطنين الألمان، وحتى التعليمات بعدم الاستحمام تحت الماء الجاري، ولكن فقط لمسح أنفسهم بمنشفة مبللة للنظافة الشخصية.

بتصرّف عن:
journal-neo.org

معلومات إضافية

العدد رقم:
1086