التقشف في الخبز الحكومة ستوزع على أقل من 12 مليون شخص

التقشف في الخبز الحكومة ستوزع على أقل من 12 مليون شخص

تجري عملية تقليص لكميات الخبز المدعوم دون إعلان مباشر، فالآليات والطوابير والتصريحات تعلن ذلك، وإن بشكل غير مباشر. فالحكومة تتهم المواطنين بالهدر في الخبز وتريد أن تحد من هذه الظاهرة بضبط الكميات، أما الغاية العميقة فهي التقشف المالي الناجم عن تراجع الإيرادات العامة، وهي ليست المرة الأولى، وربما ليست المرحلة الأخيرة من عملية سحب رغيف الخبز المدعوم.

في تسريب لمقترح الحكومة لطريقة توزيع ربطات الخبز وفقاً لعدد أفراد الأسر، يتبين أن الخكومة تخطط لإنتاج وتوزيع 6,5 مليون ربطة يومياً، على أكثر من 3,5 مليون عائلة، بوسطي حصة للأسرة 1,8 ربطة يومياً، ووسطي حصة للفرد 4 أرغفة يومياً.
ولكن هذه الحصة الوسطية محسوبة على أساس عدد أسر قليل، ووسطي عدد قليل لأفراد الأسرة، إذ إنها عملياً موزعة على حوالي 11,7 مليون شخص... وهو عدد قليل للسكان بالمقارنة مع تقديرات الحكومة ذاتها، التي قالت إن عدد السكان في 11 محافظة سورية فقط بلغ في عام 2018: 15,3 مليون نسمة، والحكومة أيضاً عادت لتضخّم عدد السكان في انتخابات مجلس الشعب، عندما أشارت إلى أن 19 مليون شخص عمرهم فوق 18 عاماً يستطيعون التصويت، بينما اليوم يتم تقليص العدد إلى أقل من 12 مليوناً...
فإمّا أن الأرقام السابقة غير دقيقة، والعدد الفعلي للمواطنين في المناطق التي تديرها الحكومي لا يتعدى 12 مليون، أو أن الحكومة لن توزّع على كامل السكان، بل على هذا العدد فقط!
وبالأحوال كافة، فإن توزيع 6,5 مليون ربطة خبز يومياً، يعادل نسبة 55% من كميات استهلاك الخبز الإجمالية في عام 2017 (وهو آخر عام يتوفر فيه رقم الاستهلاك من إنتاج القطاعين العام والخاص للخبز). ما يعني: أن الخبز المدعوم هو قرابة نصف الاستهلاك الإجمالي، ولكن بالمقابل، تضاءلت إلى حد بعيد قدرة الأسر السورية على استهلاك الخبز الخاص، أو غير المدعوم، الذي أصبح سعر الربطة منه 700 ليرة!
التصريحات الحكومية تشير إلى أنه يتم توزيع 5400 طن من الطحين يومياً في المحافظات، وهذه كفيلة بإنتاج أكقر من 6,75 مليون ربطة خبز يومياً تقريباً، بفارق 250 ألف ربطة يومياً عن الموزّع وحوالي 200 طن طحين يومياً، ولا ندري إن كان سيتم الاستمرار بإنتاجها خبزاً أم تقليصها، أم توزيعها لتنتقل إلى سوق سرقة الطحين المدعوم.
تهدف آلية البطاقة الذكية وتحديد مخصصات الأسرة لتقليص استهلاك وإنتاج الخبز المدعوم، فهذه الآلية والطوابير الناجمة عنها ستدفع الأسر السورية التي تستطيع أن تستهلك الخبز غير المدعوم لتتخلى عن مخصصاتها، ويتم تقليص لاحق للإنتاج، أو يتحول هذا الهامش إلى السوق.
وبالأحوال كافة، فإن الانتقال من إنتاج فائض نسبي للخبز إلى إنتاج عند الحد سيخلق أزمة، لأنه ما من شيء سيمنع عمليات تهريب الطحين المنظمة، فالتقشف يطال المستهلك النهائي ولا يستطيع أن يطال شبكات تهريب المواد المدعومة، كما يتضح في الخبز والبنزين والمازوت وغيره..
إنّ هذا الإجراء تعدٍّ على ما تبقى من دعم، وتقليص منظم له... وبالفعل، السياسات الاقتصادية السورية لا توجد لديها أية خطة لإنقاذ البلاد من الجوع والفوضى، ولديها خطة وحيدة متمثلة بالتقشف في الإنفاق العام دون القدرة الجدية على مسّ حصة الفساد، ولدى مثل هذه السياسات لا يوجد خط أحمر، فالجوع قد انتشر وعمّ حتى قبل تقليص مخصصات الخبز.
*الأرقام من مقترح الحكومة لآلية التوزيع، وحسبة عدد الربطات اليومية ووسطي عدد المواطنين لقاسيون.

 

fullscreen-capture-9202020-93413-pm

معلومات إضافية

العدد رقم:
984